وننتقل ب الحديث الآن عن ذكر المسند إليه ودواعي ذلك.
ذكرنا فيما سبق أن محل البحث في حذف المسند إليه أو ذكره، هو التعرف على الأسرار البلاغية التي رجحت الحذفَ على الذكر، أو الذكرَ على الحذف، ولا يكون ذلك إلا إذا جاز الحذف والذكر لغة لوجود القرينة الدالة، وقد عرفنا بعض الأسرار المقتضية للحذف، ونريد أن نذكر بعض الأسرار والدواعي التي تقتضي ذكر المسند إليه.
ونذكر من ذلك:
كون المسند إليه هو الأصل ولا مقتضى للعدول عنه إلى الحذف؛ أي: أن الأصل أن يدل على المسند إليه باللفظ بشرط ألا يقصد المتكلم غرضًا من أغراض الحذف؛ فإذا قصَد المتكلم غرضًا من أغراض الحذف كانت البلاغة في الحذف، أما إذا لم يقصد المتكلم ذلك عدنا إلى الأصل وهو الذكر، وكانت النكتة فيه كونه الأصل، وليس في قصد المتكلم غرض يقتضي الانصراف عن الذكر إلى الحذف.
الأمر الثاني من دواعي ذكر المسند إليه: زيادة الإيضاح والتقرير للمسند إليه؛ أي: زيادة انكشافه لفهم السامع وتثبيته في نفسه؛ لأن المسند إليه المحذوف معلوم وواضح وثابت بالقرينة فكأنه مذكور، فإذا صرح به فكأنه ذكر ثانيًا؛ ف تحصل بذلك زيادة الإيضاح والتقرير، وإذا أراد المتكلم زيادة الإيضاح والتقرير للمسند إليه في نفس السامع اقتضى هذا الغرض أن يذكر المسند إليه؛ كما تقول مثلًا: هؤلاء جدو وهؤلاء نجحوا بتفوق، فتذكر المسند إليه وهو في الإشارة الثاني بقصد زيادة إيضاحه