سحرهم أنها تسعى، كقوله تعالى: {فَغُلِبُوا} بالبناء للمجهول إشارة إلى قدرة الله القاهر، وتنبيهًا على أن الغلبة كانت بتدبيره تعالى وصنعه، وبهذا يظل موسى في مرتبة العبودية العاجزة التي لا تصنع شيئًا خارقًا، وإنما يجريه الله تعالى على يديها.
وتأمل قوله تعالى: {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ} وإشارته إلى سرعة امتثالهم بأمر الله، وكأن قوة القهار قد نزعت العناد والكفر من رؤوسهم، فانكبوا ساجدين مؤمنين برب العالمين.
من هذه الأسرار لحذف المسند إليه الخوف على المسند إليه المقصود به الفاعل، كقول الشاعر:
نبئت أن أبا قابوس أوعدني ... ولا قرار على زأر من الأسد
كذلك ضيق المقام نظرًا لما عليه المتكلم كقول الشاعر:
أُسرت وما صحبي بعزل لدى الوغى ... ولا فرسي مُهر ولا ربه غمر
وكذا احتقار المسند إليه المحذوف كقول الشاعر:
لئن كنت قد بلغت عني خيانة ... لمبلغك الواشي أغش وأكذب
ومنه كذلك الخوف منه كقول القائل: ضُرب فلان، بحذف الفاعل الحقيقي وبناء الفعل للمفعول؛ خوفًا من هذا المعتدي على نفسه.
ومن ذلك أيضًا الجهل به كقولك مثلًا: بني هذا المسجد عام كذا، إذا كان المسجد قديمًا لم يعلم شيء عن شخص بانيه، والمعلوم هو تاريخ البناء فقط من كتابته على الجدران مثلًا.