والأصل هو سريع هو حريص، ف حذف المسند إليه لصون اللسان عن ذكره؛ تحقيرًا له، وعليه قوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} (البقرة: 18) وقوله سبحانه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ} (القارعة: 10، 11) والتقدير هم صم؛ أي: المنافقون، هم بكم، هم عمي، وكذلك وما أدراك ما هي هي نار حاميه.

هذا؛ وقد ذكر البلاغيون أنه من مألوف الأسلوب عند العرب أنهم يريدون الكلام على حذف المسند إليه في مقامات المدح والهجاء، وعند ذكر الديار والأطلال، وهي مقامات تدعو إلى الإيجاز لضيق صدر المتكلم كما يظهر لنا ذلك عند ذكر الديار والأطلال، وتدعو كذلك إلى ما يوحي به الحذف من تعدد المعاني وتباين الصفات، حتى كأن اللاحق منها شيء جديد مستقل عن السابق، ولا شك أن هذا الذي يوحي به الحذف أبلغُ في تأدية الغرض من مدح أو قدح.

ومن هذا المنطلق يمكن أن يكون السر المقتضي للحذف أيضًا في الأبيات السابقة -زيادةً على ما ذُكِر- هو المبالغة في المدح أو الهجاء؛ بسبب ما أوحى به الحذف من تعدد المعاني وتميز الصفات، والنكات البلاغية -كما قلنا- لا تتزاحم.

7 - ومن دواعي حذف المسند إليه: التعجيل بالمسرة أو المساءة، ف قد ذكر البلاغيون أنه من الأسرار التي تقتضي حذف المسند إليه تعجيل المسرة إذا كان الخبر مما يسر به كقولك للسائل: دينار، وكقولك لمخاطبك: نجح، تريد ابنك نجح، فتحذف المسند إليه إذا أردت أن تعجل بذكر ما يفرح ويسر.

8 - وذكر البلاغيون أيضًا من دواعي حذف المسند إليه: إرادة تعجيل المساءة إذا كان الخبر مما يساء به، مثل قولك: راسب؛ أي: المهمل، تخاطب بذلك مَن تريد إساءته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015