الحذف أن قولهم: ساحر كذاب لا ينصرف عند إطلاقه إلا إلى موسى - عليه السلام - زعمًا منهم أن هذه الصفة لا تصلح إلا له، فهو متعين في اعتقادهم الباطل وزعمهم الكاذب لهذه الصفة: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} (الكهف: 5).

هذا؛ وقد يكون تعيين المسند إليه المقتضي للحذف بسبب أنه معهود بين المتكلم والمخاطب كقولك مثلًا: حضر، تريد رجلًا معينًا بينك وبين مخاطبك. وقد يحذف المسند إليه لتأتي الإنكار عند الحاجة إليه كقولك عن رجل معروف بظلمه وفسقه: فاجر ظالم، والأصل فلان فاجر، فلان ظالم، ولكنك تحذف المسند إليه ليكون الحذف سبيلًا إلى الإنكار عندما يواجهك فلان هذا باللوم أو العتب، فييسر عليك الحذف ويمكنك حينئذٍ من أن تقول له: ما قصدتك وإنما أردت غيرك، ولو ذكرت المسند إليه في مثل هذا المقام لَمَا تأتى لك الإنكار.

6 - من دواعي حذف المسند إليه: صون المسند إليه عن اللسان تعظيمًا له، أو العكس، صون اللسان عن ذكره تحقيرًا له؛ ففي حالة إرادة التعظيم للمسند إليه وتكريمه قد يحذف للإشعار بأنه بلغ من كرم المنزلة وسمو المكانة حدًّا يخشى عليه بذلك من مجرد الجريان على لسانه، فيوهم المتكلم سامعه ويشعره أن في جريان المسند إليه على اللسان وذكره تقليلًا من شأنه، ونقصًا من طهارته، وكأن اللسان شيء حقير ينبغي أن يحفظ منه المسند إليه ويصان.

وإذا أريد تحقير المسند إليه قد يحذف كذلك؛ إشعارًا بأنه بلغ من المهانة والحقارة حدًّا جعل ذكره فادحًا في طهارة لسان ذاكره، وفي معنى هذا يقول الشاعر:

ولقد علمتُ بأنهم نجَس ... فإذا ذكرتهم غسلت فمي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015