نفسه لا تصح، ولا يكون الأمر بالإيقاد على الطين في إحدى الآيتين وبالبناء فيهما لهامان مع أن النداء له، وأن يتوقف جواز التركيب في نحو قولهم: أنبت الربيع البقل وسرتني رؤيتك على الإذن الشرعي؛ لأن أسماء الله تعالى توقيفية، وكل ذلك منتفٍ ظاهر الانتفاء.
ثم ما ذكره منقوض بنحو قولهم: فلان نهاره صائم، فإن الإسناد فيه مجاز، ولا يجوز أن يكون النهار استعارة بالكناية عن فلان؛ لأن ذكر طرفي التشبيه يمنع من حمل الكلام على الاستعارة ويوجب حمله على التشويه.
انتهى من كلام الخطيب القزويني في (الإيضاح).
بقي أن نتحدث عن بلاغة المجاز العقلي:
فالمجاز العقلي -كما رأينا- طريق من طرق التوسع في اللغة، وفن من فنون البلاغة، له شأن رفيع ومنزلة عظيمة، ولذلك اهتم به البلاغيون وعلى رأسهم الإمام عبد القاهر الجرجاني، ف قد درس المجاز العقلي في كتابيه (أسرار البلاغة) و (دلائل الإعجاز) وبين الفرق بين المجازين اللغوي والعقلي، ويكفي أن أنقل قوله في الإشادة بالمجاز العقلي والتنويه بشأنه، حين قال: وهذا الضرب من المجاز كنز من كنوز البلاغة، ومادة الشاعر المفلق والكاتب البليغ في الإبداع والإحسان والاتساع في طريق البيان، وأن يجيء بالكلام مطبوعًا مصنوعًا وأن يضعه بعيد المرام قريبًا من الأفهام. كذا في (الدلائل).
وتكمن روعة المجاز العقلي في أن المتكلم بهذا الأسلوب يعدل عن الإسناد الحقيقي، وينسب الفعل إلى غير ما هو له، ف يخيل إليك أن الفعل وقع من غير