وهذا ما يُطْلَقُ عليه في البديع: "التفريق في الحكم".
أمثلة:
المثال الأول: قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (هود/ 11 مصحف/ 52 نزول) بشأن يوم القيامة:
{يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [الآية: 105] .
لاَ تَكَلَّم: أي: لاَ تَتَكَلَّم.
ففي هذه الآية تفريق في الحكم بين بعض النفوس وبعضها الآخر، بعد كونها داخلةً في عموم كلمة "نفس" التي هي كُلّيٌّ يشمل كلَّ فرْدٍ ذي نفس من خَلْقِ الله عزَّ وجلَّ مسؤولة عن اختياراتها.
المثال الثاني: قول "الوطواط":
مَا نَوالُ الْغَمَامِ وَقْتَ رَبِيعٍ ... كَنَوالِ الأَمِيرِ يَوْمَ سخَاءِ
فنوال الأَمِيرِ بَدْرَةُ عَيْنٍ ... ونوالُ الْغَمَامِ قَطْرَةُ مَاءِ
فبعد أن ذكر النوال الذي هو لفظٌ كُلّيٌّ يَجْمع في أفراده نَوالَ الأمير حين يعطي، ونوال الغمام حين يمطر، فرَّقَ في الحكم، فأبان أنّ نوال الأمير بَدْرَةُ عَيْن، أي: كيس مملوءٌ ذهباً، وأنَّ نوال الغمام قطرة ماء.
المثال الثالث: قول "صَفِيّ الدّين الْحِلّي" في ممدوحه:
فَجُودُ كَفَّيْهِ لَمْ تُقْلِعْ سَحَائِبُهُ ... عَنِ الْعِبَادِ وَجُودُ السُّحْبِ لَم يَدُمِ
المثال الرّابع: قول "المتنبّي" يخاطِبُ سَيْفُ الدّولة، وهو من لطيف "التفريق في الحكم" لاقترانه بالاستدلال بالنظير:
فَإِنْ تَفُقِ الأَنَامَ وأَنْتَ مِنْهُمْ ... فَإِنَّ الْمِسْكَ بَعْضُ دَمِ الغَزَال
***