{ياأيها الذين آمَنُواْ إِنَّمَا الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشيطان فاجتنبوه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الآية: 90] .
هذه الأصناف المتعدّدة: "الخمر - الْمَيْسِر - الأنْصَاب - الأزلام" جُمِعَتْ في حكم واحد وهو كونُهَا رِجْساً معنويّاً، وكون الله قد أمر المؤمنين باجْتِنَابِها.
المثال الثاني: قول "أبي العتاهيَة".
إِنَّ الشّبَابَ والْفَراغَ والْجِدَةَ ... مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أيُّ مَفْسَدَةٍ
الْجِدَة: السّعة في امتلاك المال، مصدر "وَجَدَ" وُجْداً وجِدَةً إذا صار ذا مالٍ.
فاجتمعت هذه الثلاثة في كونها مَفْسَدَةً، فأعطيت في بديع القول حكماً واحداً.
المثال الثالث: قول ابن الرومي:
أرَاؤُكُمْ وَوُجُوهُكُمْ وَسُيُوفُكُمْ ... في الْحَادِثَاتِ إِذَا دَجَوْنَ نُجوم
فجمع آراء الممدوحين ووجُوهَهُم وسُيُوفَهُمْ في حكم واحد، وهو كونها كالنجوم في الحادثات المظلمات.
والأمثلة القرآنية على الجمع في الحكم كثيرة.
***
الحالة الثانية:
أن يكون بعضُ ما يَنْطَبقُ عليه اللَّفظ الْكُلّيُّ من أفراد له حُكْمٌ خَاصٌّ به، وبعضُهُ الآخَرُ لَهُ حُكْمٌ آخَرُ.
وفي هذه الحالة يكون من الإِيجاز في التعبير من جهة، ومن بديع الكلام من جهةٍ أخرى، ذِكْرُ اللّفظ الْكُلِّي للدّلالة به على أنَّ أفْراده يجمعها معنىً جامعٌ، وبعد ذلك يُفرَّقُ في الحكم، فيُعْطَى لكلّ قِسْمٍ حُكْمُهُ الخاصّ به.