وأن يكون ذا هَدَفٍ بلاغي، فالأعمال اللّفظيّة الشكلية الخالية من الأهداف البلاغيّة بمثابة رسوم ساكنة لا حياة فيها ولا حرارة.

***

ثاني عشر- البراعة في إبراز وتصوير الأحاسيس والمشاعر النَّفسيّة:

ومن عناصر الجمال الأدبي في الكلام البراعة في إبراز وتصوير الأحاسيس والمشاعر النَّفسيّة والأفكار. وقد تكون هذه البراعة بتقديم الفكرة من خلال نظير حسّي، أو بالمبالغة في تصويرها، أو تصوير آثارها، أو غير ذلك.

أمثلة:

(1) قول الله تعالى بشأن المنافقين فية سورة (المنافقون/ 63 مصحف/ 104 نزول) :

{يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ... } [الآية: 4] .

ففي هذا إبراز بارعٌ جدّاً، وتصويرٌ بديع لحالة الذُّعر الشديد الذي يعانون منه في داخل أنفسهم، وقد دلّ على هذه الحقيقة المبالغة، لأنّ الخائف المذعور جدّاً قد يسمع صياح الْمُنْجِد له فيتصوّره صياحاً ضدّه.

(2) وقول الله تعالى في سورة (البقرة/ 2 مصحف/ 87 نزول) يصف حال أناس داهمهم مطر شديد فيه ظلمات ورعد وبرق:

{أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السمآء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ في آذَانِهِم مِّنَ الصواعق حَذَرَ الموت والله مُحِيطٌ بالكافرين} [الآية: 19] .

ففي المبالغة بأنهّم يجعلون أصابعهم في آذانهم إبرازٌ لصورة حالتهم النَّفسية، التي تدفعهم إلى سدّ مسامعهم بكلّ أصابعهم، فلو أنّهم استطاعوا إدخال كلّ أصابعهم في آذانهم لفعلوا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015