ففي هاتين الآيتين استنطاق الجماد ومخاطبته، وهذا من نقل صفة الحيّ إضفائها على الذي لا حياة له.
(3) وقول الله تعالى في سورة (الكهف/ 18 مصحف/ 69 نزول) في سياق قصّة موسى والخَضِر عليهما السلام:
{فانطلقا حتى إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ استطعمآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً} [الآية: 77] .
ففي هذا نقل صفة الإِرادة التي هي للحيّ المريد، وإضفاؤها على الجدار الذي لا حياة له ولا إرادة، لأنَّ صورة الجدار هذا تُحْدِثُ في تخيّل الناظر إليه أنّه كعجوز من النَّاس هَرِم، وهو يريد أن يستريح من قيامه ويسقط إلى الأرض انقضاضاً كانقضاض الطائر راكعاً أو ساجداً أو مستلقياً، فأعطاه صفة الإِرادة وصفة انقضاض الطائر.
(4) وقول الله تعالى بشأن المنافقين في سورة (المنافقون/ 63 مصحف/ 104 نزول) :
{وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ العدو فاحذرهم قَاتَلَهُمُ الله أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [الآية: 4] .
ففي هذا النّص نقل صفة الجامد الذي لا حياة له عن طريق التشبيه الصريح، وإضفاؤها على المنافقين الأحياء الجالسين المستندين إلى جدار مجلس الرسول بأجسامهم الْمَهِيبَة، لأنّ حالتهم النّفسية المنصرفة كلّياً عمّا يجري حولهم تُوقِعُ في التخيّل أنّهم بمثابة الخُشُب المسنّدة.
* وقد يكون نقل الصفة لغرض الإِيجاز، أو الإِيجاز مع التعميم، كنقل الصفة من أهل المكان إلى المكان، ومن أهل الزمان إلى الزمان، ومن أمثلة ذلك مايلي: