والتلميح، والكناية، والقصّة، وضرب الأمثال، وتَرْكُ صِيَغ الطلب إلى صيغ الْخَبَر الذي يراد منه الطلب، إلى غير ذلك من الأساليب البيانية الكثيرة التي لا يُعرض فيها المطلوب بشكل مباشر، وقد يقترن أسلوب العرض غير المباشر بما يؤكد الخبر الذي تضمّنه الكلام، أو بما يحرِّض على تحقيق المطلوب في الكلام، كالترغيب والرهيب.

وأصحابُ الذَوق البياني الرفيع يُحسنون استخدام الفنون البلاغيّة التي يذكرها علماء البلاغة، وفنوناً أخرى يبتكرونها، فالفنون البيانيّة لا تُحصر، والفكر الإِنساني مؤهل لأن يبتكر فيها بدائع وروائع جديدة، تهديه إلى خصائص الإِبداع الفنّي التي وهبها الله للإِنسان.

والدعاة إلى الله مطالبون بتدريب أنفسهم لاكتساب هذا الذوق البياني، ولاكتساب المهارة في صناعة الكلام الرفيع، ثم هم مطالبون بتسخير أدبهم في دعوتهم إلى سبيل ربِّهم، اقتداءً بنبيّهم ورسولهم محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واقتباساً من المنهج القرآني في بلاغته العظيمة.

ثانياً - التنويع والتنقّل والتلوين:

ومن عناصر الجمال الأدبيّ الذي يزيد الجمال جمالاً، والحسن حسناً وبهاء، التنويع والتنقّل والتلوين بين الصور والأشكال الجماليّة في الكلام.

إنّ التزام الأديب لطريقة واحدة من الجمال الأدبيّ يكرّرها باستمرار في كلامه أو في معظم كلامه، ممّا يجعل مشاعر سامعيه أو قارئيه تَتَبَلّد تجاه هذا اللون من الجمال، فتفقد ما كنت تحسّ به من استعذاب وحلاوة وطلاوة، ويدبّ السأم إليها، ولو أنَّ أدبه كان كالمنِّ والسلوى، لأمست مشاعرهم أمام التزامه الوتيرة الواحدة كنفوس بني إسرائيل.

لمّا أكثر طه حسين من استخدامه للون جميل في الكلام هو الاستفادة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015