خاصّة من الكلام. وعندئذٍ يكون الأدنى في أسلوبه البياني هو الأبلغ لتحقيق الهدف، كشأن أساليب التربية.

ومن أجل ذلك لا بدّ من النّظر إلى الأسلوب البياني ومرتبته من جهة، وإلى ما يَقْتَضيه الهدفُ وإلى وضع المخاطب وحاله من جهة أخرى.

ومن هذا تبيّن لنا أنّ الأساليب البيانية تختلف أنواعها اختلافاً كثيراً، وأنّ الأهداف من الكلام، وأوضاع المخاطبين وأحوالهم، والموضوعات العامّة التي يجري فيها الكلام، والمضامين الفكرية التي يراد الدلالة عليها، والْمُنَاخات النّفسية والاجتماعية التي يوجّه فيها الكلام، تختلف اختلافاً كثيراً أيضاً.

والبليغ حقاً هو الذي يُحْسِنُ الملاءَمَة بين أسلوبه البياني وبين الهدف الذي يقصده، والموضوع الذي يتحدّث فيه، ووضع المخاطب الذي يُوَجِّهُ له كلامه، وحاله التي هو عليها، وسائر الأمور التي يمكن أن يُلائِمَها أسلوب من الكلام ولا يلائمها أسلوب آخر.

ولا بد من الإِشارة هنا إلى أنّ هذه المَلاءَمَة في الأسلوب البياني، ليست هي كلَّ شيء في تحديد الجمال والأدبي، بل توجد عناصر جماليّة أخرى كثيرة، قد يشتمل عليها الكلام أو لا يشتمل عليها مع مراعاة الملاءمة في الأسلوب البياني.

ونظرةٌ في مختلف الأساليب البيانيّة تجعلنا نمرُّ على أسلوب العرض المباشر الجاف، فأسلوب العرض المباشر المغلّف بما يلطِّفه ويخفّف جفافه، ونمرُّ على الأسلوب الساذج البسيط، فما هو قريب منه. وقد يلطِّف العرضَ المباشر التشبهُ والتمثيلُ فيجعلُه ملموساً بساتر، والمحسِّنات اللّفظية، وأنواع من الزينة المعنوية، ودَعْمُ الخبر بالمؤكدات والشواهد، ودَعْمُ الطَّلَب بالمبرّرات والترغيب والترهيب.

ثمّ نمرّ على أساليب العرض غير المباشر التي يدخل فيها التعريض،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015