الأول: أن يكون المسند إليه معرفةً والمسنَدُ فعلاً مثبتاً، كأنْ تقول: "أنا قمت - أنا سعيت في حاجتك".

فإذا كان القصر قصر "إفراد" جاء التأكيد بنحو: "أنا قمتُ وحْدِي - أنا سعيْتُ في حاجَتِكَ وحْدِي".

وإذا كان قصر "قلب" جاء التأكيد بنحو: "أنا قُمْتُ دون غيري - أنا سيعتُ في حاجَتِكَ لا غيري" وكذلك إذا كان القصر قَصْرَ تعيين.

ومنه ما جاء في قول الله عزّ وجلّ في سورة (النمل/ 27 مصحف/ 48 نزول) في عرض قصّة هَدِيَّة ملكه سبأ لسليمان عليه السّلام، قالت:

{وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المرسلون * فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ آتَانِيَ الله خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ} [الآيات: 35 - 36] .

جاء في هذا النصّ تقديم المسند إ ليه: {أَنتُمْ} على الْمُسْنَد: {تَفْرَحُونَ} مع تقديم المعمول {بِهَدِيَّتِكُمْ} على عامله {تَفْرَحُونَ} .

وَالشاهد هنا تقديم المسند إليه المفيد مع القرائن التي اشتمل عليها النّص القصر الإِضافي، والمعنى أنّ الفرح بالهديّة مقصورٌ عليكم، لا يتعدّى إليّ، فأنا لست بها فَرِحاً، فَمَا آتاني اللهُ خيرٌ ممَّا آتاكم.

ومنه ما جاء في قول الله عزّ وجلّ في سورة (التوبة/ 9 مصحف/ 113 نزول) لرسوله بشأن المنافقين:

{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ الأعراب مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ المدينة مَرَدُواْ عَلَى النفاق لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ... } [الآية: 101] .

قُدِّم في هذا النصّ المسند إليه {نَحْنُ} على الْمُسْنَدِ {نَعْلَمُهُمْ} لإِفادة قَصْرِ الْعِلْمِ بِهِمْ على الله، وظاهر أنّ القصر هنا هو من قبيل القصر الإِضافي، إذْ قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015