المثال الرابع:
قول المتنبي يمدح بَدْر بْنَ عمّار:
بِرَجَاءٍ جُودِكَ يُطْرَدُ الْفَقْرُ ... وَبَأَنْ تُعَادَى يَنْفَدُ الْعُمْرُ
قدّم الصلة (برجاء جودك) على عاملها (يُطْرَد) والصلة (بأنْ تُعَادَى) على عاملها (يَنْفَدُ) لأنه أراد على سبيل المبالغة والادّعاء أنْ يخُصَّ برَجاءِ جوده طردَ الفقر، دون رجاء جود غيره، وأنّ يَخُصَّ بِمُعَاداته نفاد عمر من يعادِيه من الناسِ، دون معاداة غيره من الناس.
فالقصر هنا ادعائي مجازي، وإضافي غير حقيقي.
المقصور (وهو صفة) ... المقصور عليه (وهو موصوف) ... المقصور عنه
طرد الفقر ... ... ... رجاء جوده ... ... ... ... ... ... رجاء غيره من الناس
نفاد العمر ... ... ... معاداته ... ... ... ... ... ... معاداة غيره من الناس
المثال الخامس: قول الله عزّ وجلّ في سورة (البقرة/ 2 مصحف/ 87 نزول) في معرض الحديث عن كُفَّار اليهود:
{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكتاب وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذلك مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الحياة الدنيا وَيَوْمَ القيامة يُرَدُّونَ إلى أَشَدِّ العذاب ... } [الآية: 85] .
في هذا النص قُدِّمَ الظَّرفُ {يَوْمَ القيامة} على عامله {يُرَدُّونَ إلى أَشَدِّ العذاب} لإِفادَة قصر الرَّدّ إلى أشدّ العذاب على كونه يقع يوم القيام، وهو قصر حقيقي.
* وأمَّا تقديم المسنَدِ إليه إذا كان حقُّه في الجملة التأخير، فقد يفيد القصر في بعض أحواله، وقد يفيد مجرّد التقوية والتأكيد، ودلالة القصر يساعد عليها سِبَاق الكلام وسياقه، وقرائن الحال، والمقصور عليه هو المقدّم.
فمن إفادة تقديم المسند إليه القصر - على ما أبان الشيخ عبد القاهر الجرجاني الإِمامُ في البلاغيّات - ما يلي: