{وَلَئِنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ} [الآية: 159] .
إلى الله: معمول لفعل {تُحْشَرُونَ} لأنّه معلِّقٌ به، والأصل فيه أن يكون متأخّراً عن عامله.
قيل: معناه لإَلَى الله تُحْشَرُونَ لا إلى غيرِه، أي: ليحاسبكم ويجازيكم، ومعلوم أنّ الحشر يوم القيامة يكون لله وحْدَه، فهو وحده الذي يحاسِبُ عباده ويجازيهم يوم الدين.
مع ما في هذا التقديم من داعٍ جمالي رُوعي فيه تناسُق رؤؤس الآيات.
ولا مانع من اجتماع عدَّة دواعي بلاغيَّةٍ لظاهر واحدة.
المثال الثالث:
قول الله عزّ وجلّ في سورة (البقرة/ 2 مصحف/ 87 نزول) :
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيداً ... } [الآية: 143] .
يُلاحظُ في هذا النّصّ أنَّ الصِّلَةَ في العبارة الأولى: {شُهَدَآءَ عَلَى الناس} أُخّرَتْ عن عاملها، لأنّ المراد مجرّد إثبات شهادة المسلمين على الناس دون تخصيصهم بهذه الشهادة، إذْ قَدْ يَشْهَدُ عليهم عيسَى عليه السلام الذي بشَّرُهمْ بخاتم المرسلين، وسَيَشْهَدُ عليهم عند نزوله.
أمّا في العبارة الثانية: {وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيداً} فقد قُدِّمَت الصلة {عَلَيْكُمْ} على عاملها {شَهِيداً} لأنَّ المراد تخصيص الرسول بشهادته عليهم، إذْ هو المبلّغ عن الله دين الله لمن بلّغَهُمْ بَعْدَ بعثته، ولا أحَدَ غيرُهُ بلَّغَ هذا الدين عن الله.