يوجّه البلاغيون عناية لهذا القسم، لكن تنبَّهَ إلى بَعْضِهِ "الأخفش" من علماء العربيّة، وحاول تعليله وفق مناهج النحاة والصرفيين، لا وفق مفاهيم البلاغييّن والأدباء، وذلك في قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (الفجر/ 89 مصحف/ 10 نزول) :

{والليل إِذَا يَسْرِ} [الآية: 4] .

بحذف "الياء" من "يَسْرِي" مراعاة لرؤوس الآيات، دون أن يُوجَدَ مقتضٍ نحويٌّ لهذا الحذف.

وتنبَّهَ إلى هذا القسم وأضافه اقتراحاً إلى أقسام الحذف البلاغي من المعاصرين "د. محمد أبو موسى" في كتابه "خصائص التراكيب" وقد أحسن صُنْعاً.

وأقول في شرح هذا القسم: إِنّ العربيّ قد اعتاد أن يختصر من الكلمة إيجازاً في نُطْقِه وتخفُّفاً، وذلك في بعض كلامه ممّا يكثر تداوله، فيحذف بعض حروف الكلمة، وأن يختصر أيضاً فيحذف بعض ما يُنَزّلُ مَنْزِلَة جُزْءِ الكَلمة، كالجزء الثاني من المركب تركيباً مَزْجِيَّاً، وكالمضاف إليه، وكياء المتكلم، وأداة النداء.

ويظهر لنا هذا في بعض أنواعٍ من الكلام العربي، ومنه ما نجده في الأبواب التالية:

فمنه ما يُسمَّى الترخيم في باب النداء، فقد يحذف العربيُّ في النداء آخر حرف في الكلمة، أو الحرفين الأخيرَيْن منها، وقَدْ يَحْذِفُ الجزءَ الثانِيَ من جزئي الكلمة المركّبة تركيباً مزجيّاً، وقد يحذف في الترخيم المضاف إليه.

ومن دواعيه إلى ذلك الإِيجاز، والتحبُّبُ لِلْمُنَادى أحياناً، ومراعاة جمال فنّيٍّ في نَسَقِ الكلام، وإيثار اللفظ الأخف على اللّسان، إلى غير ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015