المثال الخامس:

قول الشاعر الجاهلي "عمرو بن كلثوم" في معلقته يفاخر بقومه فيكرّر المسند إليه فيقول "وأنّا" مع كلّ منقبة يَصِفُ بها قومه:

وَقَدْ عَلِمَ الْقَبَائِلُ مِنْ مَعَدٍّ ... إِذَا قُبَبٌ بأَبْطَحِهَا بُنِينَا

بِأَنَّا الْمُطْعِمُونَ إِذَا قَدَرْنَا ... وَأَنَّا الْمُهْلِكُونَ إِذَا ابْتُلِينَا

وأنَّا الْمَانِعُونَ إِذَا أَرَدْنَا ... وأَنَّا النَّازِلُونَ بِحَيْثُ شِينَا

وأنَّا التَّارِكُونَ إِذَا سَخِطْنَا ... وأنَّا الآخِذُونَ إِذَا رَضِينَا

وأنَّا الْعَاصِمُونَ إِذَا أُطِعْنَا ... وأنَّا الْعَازِمُونَ إِذَا عُصِنَا

وَنَشْرَبُ إِنْ وَرَدْنَا الْمَاءَ صَفْواً ... وَيَشْرَبُ غَيْرُنَا كَدِراً وطِينَا

قُبَب: جمع قُبَّة، وهي بناءٌ معروف، وقد تكون من بيوت العَرَبَ الرُّحّل من الأقْمشَةِ والجلود.

بأبْطَحِها: الأبْطَحُ: الأرض الخلاء الواسعة.

إِذَا ابْتُلِينَا: أي: إذا امتحنَّا بالقتال.

ويصف قومه بأنهم أعِزَّاء يَمْنَعُون ما يريدون مَنْعَه فلا أحَدَ من الناس يُكْرِهُهُمْ على بذل شيءٍ لا يريدون بذله، ولا أحد من العرب يستطيع منعهم من أن ينزلوا بأيّ أرضٍ يريدون النزول فيها.

ويصف قومه بأنّهم إذا سخطوا على إنسان مهما علت مكانته فإنهم يرفضون عطاياه ويتركونها، وإذا رَضُوا عنه فإنّهم يقبلون هداياه.

ويصف قومه بأنَّهم يَعْصِمُون بالحماية والحفظ من يطيعهم، وأنّهم أهل عَزْمٍ وجِدٍّ وقُوّةٍ في تأديب من يعصيهم.

ألا تُلاحظُ أنّه كرّر عبارة "وأنَّا" مع كلّ منقبة ذكرها لقومه مفاخراً، وغرضُه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015