ما في ذكر لفظ الجلالة من تربية الإِجلال والإِعظام في القلوب، وإمكان الاستشهاد ببعضها منفردةً عن سائرها.

ومن ذكر المسند والمسند إليه مع إمكان حذفهما قول الله عزّ وجلّ في سورة (لقمان/ 31 مصحف/ 57 نزول) :

{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [الآية: 34] .

فقد كان من الممكن أن يقال: ولا بأيّ أرض تموت.

المثال الثاني:

ما جاء في سورة (طه/ 20 مصحف/ 45 نزول) بشأن تكليم الله موسَى عليه السلام:

{وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ ياموسى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا على غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أخرى * قَالَ أَلْقِهَا ياموسى} [الآيات: 17 - 19] .

في هذا النَّصّ نلاحظ ذِكْرَ كلماتٍ كان من الممكن حَذْفُها دونَ أن يُؤَثِّرَ عَلى المعنى شيئاً.

لقد كان يكفي أن يقول موسى عليه السلام في جواب سؤال ربّه: "عَصَايَ" دون أن يقول: {هِيَ عَصَايَ} .

وكان من الممكن أن يقتصر على بيان أنها عصاه، دون أن يشرح أعماله فيها بقوله: {أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا على غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أخرى} [الآية: 18] .

وكان من الممكن أن يقول الله عزّ وجلّ له: {أَلْقِهَا} دون أن يناديَهُ {ياموسى} .

لكن دعَا إلى بسط الكلام وإطالةِ الحديث رغبةُ الإِيناسِ مِنَ الرَّبّ عزّ وجلّ، ورغبةُ التشرّف والاستئناس والتلذّذ بطول المحادثة من موسى عليه السلام.

***

طور بواسطة نورين ميديا © 2015