ذكره غرض بلاغيّ وهو زيادة الكشف والإيضاح بالتنبيه على أنّهم كما تحقّق منهم أنّهم متمكّنُونَ من تحقيق الْهُدَى الذي جاءهم من عند ربّهم بأعمالهم الصالحة، فقد ثبت لهم أنّهم هم المفلحون عند ربهم يوم الدّين، أي: هم الظافرون بما يريدون والفائزون بجنّات النّعيم.
وفي هذه الإِعادة أيضاً فائدة جعل كلّ جملة من الجملتين وحدةً مستقلة، ولو انفردت كُلُّ جملةٍ منها لكانت كافية للدّلالة على الأخرى منهما عن طريق اللّزوم الفكري، لأنّ من كان على هدى من ربّه لا بُدّ أن يكون مُفْلِحاً، ومن كان من المفلحين فلا بدّ أنه قد كان على هُدىً من رَبِّه، ففي استقلاليّةِ كُلٍّ من هاتين الجملتين تأكيد لمعنى كلّ منهما عن طريق دلالة ما في الأخرى من اللُّزوم الفكري.
ونظيره قول الله عزّ وجلّ بشأن الّذِين كفروا في سورة (الرعد/ 13 مصحف/ 96 نزول) :
{أولائك الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأغلال في أَعْنَاقِهِمْ وأولائك أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدونَ} [الآية: 5] .
ويكثر في القرآن ذكر المسند إليه أو المسند مع إمكان حذفه أو حذفهما لتكون الجمل مستقلّة، قابلةً لأن يُسْتَشْهد بها منفردة في المناسبات الداعيات إلى الاستشهاد بها، ومن ذلك قول الله عزّ وجلَّ في سورة (آل عمران/ 3 مصحف/ 89 نزول) :
{الذين قَالَ لَهُمُ الناس إِنَّ الناس قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فاخشوهم فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الوكيل * فانقلبوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ الله وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سواء واتبعوا رِضْوَانَ الله والله ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [الآيات: 173 - 174] .
لقد كان من الممكن الاستغناء بالضمير في "من الله - رضوان اللهِ - واللهُ ذو" لكن إعادة ذكر اسم الجلالة في هذه الجمل يجعل كلاًّ منها جملةً مستقلّة، مع