قبولها واسْتحْسَانِها، لأداءِ المعاني الَّتِي يُعبَّرُ بها عَنْهَا، مع ملاحظة الشُّعورِ بالتَّلاؤْم بينَ اللَّفظِ والمعنى في كثيرٍ من الكلمات، في المجتمع البشري الذي درجَتْ على ألسنة أفرادِه.
وتُعْزَلُ في الغالب ِ الكلماتُ القاسية الصعبة، والكلماتُ المستقبحة المستغلظة، والتي تتقزّزُ مِنْها النفوس، إِلاَّ ما كانَ منها مقصوداً لِبَيَانِ قُبْحِ المعنَى، أو ما كان منها مقصوداً للشتائم، ونحو ذلك.
ويَنتَقِي أصحابُ الأَذواقِ الرَّفيعَة منَ الكلمات أَلْيَنها في النُّطْقِ، وأحْلاها في الأسماع، أوْ أوفَقَهَا وأكْثَرها مُلاءَمَةً للمعاني الّتي تدلُّ عَلَيْهَا، ويخُصُّونَ بها أقوالهم ذوات الشأن، من خُطَبِ، ورسائل، ومقالات، وشِعْر، وقصّة وغير ذلك من موضوعات الكلام المحرّر المنتقى، الذي صار يُسَمَّى فيما بَعْدُ "أدباً" لأنَّه في الكلام يُشْبهُ أدبَ السلوك في الأعمال.
وتظلُّ كلماتٌ مستقبحاتٌ شائعاتٌ، لدى من لهم هوىً في أن يستخدموا ألفاظاً قاسيةً خشنةً، تنفرُ منها الأسماع، إذْ يرَوْنَهَا نافعةً لهم في إزعاج الآخرين بها، أو لفت أنْظارِ الناس إليهم عن طريقها، كما يفعلون مثل ذلك في ألبستِهِمْ، وما يحملون من أسلحةٍ مستهجنة، وما يمارسون من حَرَكاتٍ وأعمال، إلى غير ذلك من أُمُورٍ يبتَعِدُ عَنْها الْمتأَدِّبُونَ من الناسِ بالآداب الحسنة، وذوو الأذواق الرفيعة، والسلوك الجميل الفاضِلِ بيْنَ الناس.
وقد تتدخَّلُ عوامل أخرى في بقاء كلماتٍ صعبةٍ ثقيلةٍ في النُّطْقِ ضمْن الكلام الدارج المستعمل في اللّغة، وهذه العوامل يصْعُبُ تحديدها، وتبقَى هذهِ الكلماتُ حَيَّةً في الاستعمال بحُكْمِ الإِلْفِ والتقليدِ والمحافظة على المواريثِ اللُّغَويّة.
ومن هذهِ العوامل تفاخُرُ الأُمَّةِ بقُدْرَةِ ألْسنَتِها على الانفرادِ بالنطق ببعض الحروف أو الكلمات، ومنها المحافظةُ على إحْدَى الصفاتِ القوميَّةِ للأُمَّة.