يخلق، لكن جعل من يخلق فرعًا مشبهًا عن طريق التشبيه المقلوب؛ مبالغة في تصوير جهلهم، وتماديهم في الشرك، وكان الأصل أن يُنكر عليهم جعلهم غير الخالق شبيهًا بالخالق في استحقاق العبادة.
ففي كل هذه الأمثلة نرى أن الغرض من التشبيه عائد على المشبه به، والهدف من ذلك هو المبالغة في اتصاف المشبه به بوجه الشبه، وإيهام أن الوجه في المشبه به أشهر وأقوى منه في المشبه.
من هذه الأغراض التي يعود الغرض فيها على المشبه به: بيان شدة الحاجة إلى المشبه به كتشبيه الجائع مثلًا البدر في إشراقه واستدارته بالرغيف؛ لأنه يحلم بهذا الرغيف، وتشبيهه المسك في طيب رائحته بالشواء، وذلك تنبيهًا إلى شدة حاجته للرغيف والشواء، ويُسمى هذا الغرض بإظهار المطلوب، وهو لا يحسن إلا في مقام الطمع في حصول الشيء الذي جُعل مشبهًا به.
عندما نقارن في المبالغة بين قولنا مثلًا: لا أدري أوجهه أنور أم الصبح، وغرته أضوأ أم البدر، ونحو ذلك مما يفيد المساواة في الإشراق والإضاءة بين الطرفين؛ حتى أصبح من الصعب التفريق بينهما بالزيادة أو النقصان، وبين قولنا مثلًا: نور الصباح يخفى في ضوء جبينه، ونور الشمس مسروق من نور وجهه، ونحو ذلك مما يفيد أن نور الوجه والجبين تجاوز في الإضاءة والإشراق نور الصباح، وتجاوز كذلك نور الشمس، ونقارن بين هاتين الحالتين وبين المبالغة مثلًا في بيت ابن وهيب:
وبدا الصباح كأن غرته ... وجه الخليفة حين يمتدح
نجد أن المبالغة في البيت قد فاقت المبالغة في الأساليب التي سبقت هذا البيت، وذلك أنه في المثالين الأولين، وهما قولهم: لا أدري أوجهه أنور أم الصبح،