المشبه به وهو رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وقد شرفت به عدنان أي: العرب قاطبة، قد أزال هذه الغرابة؛ إذ بين أن لما ضرب به المثل نظيرًا في الوجود.
الأمر الثاني من أغراض التشبيه العائدة على المشبه: بيان حال المشبه، معنى إيضاح صفته، وذلك إذا كانت صفة المشبه مجهولة، وحاله غير معلومة للمخاطب؛ فيقصد المتكلم إلى بيان هذه الصفة، وإلى إيضاح تلك الحالة عن طريق شبه به قد وضحت فيه هذه الصفة الغريبة، وذلك بغرض إزالة هذه الغرابة.
نأخذ من ذلك مثلًا قول الأعشى حين يقول:
كأن مشيتها من بيت جارتها ... مر السحابة لا ريث ولا عجل
فهنا شبه مشية المرأة من بيت الجارة حين تزورها حاملة لها ما جادت به نفسها، بمرور السحابة التي تحمل المطر، والغرض من ذلك هو بيان حال المشبه، كذلك مما يدخل في هذا الغرض ما جاء في قول شاعر آخر:
كأن سهيلًا والنجوم وراءه ... صفوف صلاة قام فيها إمامها
فهنا يشبه هيئة سهيل، وقد تقدم النجوم بهيئة الإمام يتقدم الصفوف في الصلاة، والغرض هو بيان حال المشبه، وإبراز هيئته.
ومن ذلك أيضًا تشبيه الشعر بالليل في السواد، والوجه بالبدر في الإشراق، والخد بالورد في الحمرة، فكل هذه التشبيهات أفادت المخاطب، لون الشعر، وإشراق الوجه، وحمرة الخد؛ فاتضح لديه حال المشبه، وبانت عنده صفة هذا المشبه.
الأمر الثالث، أو الغرض الثالث الذي يعود على المشبه: بيان مقدار الحال، وذلك إذا كانت صفته معلومة للمخاطب، والمجهول هو المقدار في القوة والضعف أو الزيادة والنقصان، فنرى مثلًا في قولنا سواد هذا الشعر كسواد الليل، وحمرة