تفصيلًا فيما بعد؛ لأن التشبيه يقتضي إلحاق الأدنى في وجه الشبه بالأعلى حقيقة أو ادعاء، وهذه الأفعال اللازمة إنما تدل على وجود التشابه بين الشيئين المقتضي مساواة كل واحد منهما للآخر في وجه الشبه.
وقولنا مثلا تشابه عمرو وبكر في الوفاء المعنى: أنهما تساويا فيه، وليس أحدهما أعلى منزلة من الآخر، والأمر ليس كذلك إذا قلنا مثلًا: عمرو يشبه بكرًا؛ لأنه يفيد أن بكرًا أعلى مرتبة في وجه الشبه من عمرو، ولذا شبه به، وقد يذكر فعل ينبئ عن التشبيه نحو: علم وتيقن، وذلك إن قرب وجه الشبه وحقق، ونحو حسب، وخال، وظن إن بعد وجه الشبه عن التحقيق وخفي عن الإدراك فيقال مثلًا: علمت محمدًا بحرًا، وتيقنت أنه حاتم، وحسبت عمرو أسدًا، وخلته حاتمًا، وظننته إياسًا، وإنما قلنا: إن هذه الأفعال تنبئ عن التشبيه؛ لأن التشبيه في الواقع مستفاد من الأداة المقدرة كما في نحو: محمد بحر، وعمرو أسد.
هذا، وتختلف أدوات التشبيه في الدلالة على التشبيه، فما كان من التشبيه صادقًا قلت في وصفه كأنه، أو هو ككذا، ويشبه، أو يماثل، أو شبه كذا، أو علمته بحرًا، رأيته غيثًا، وتيقنت أنه حاتم، ونحو ذلك من الأفعال التي تنبئ بالتشبيه وتدل على اليقين، وما قارب الصدق قلت فيه تراه، أو تخاله، أو تحسبه، أو يكاد، ونحوها من الأفعال التي ترشد إلى التشبيه وتدل على الظن والرجحان، أو المقاربة.
هنا يأتي سؤال هل لإيثار بلقيس ملكة سبأ حرف التشبيه كأن الوارد في قول الله تعالى: {كَأَنَّهُ هُوَ} (النمل: 42) حين سأله سليمان -عليه السلام- عندما عما إذا كان ذلك عرشها أم لا من دلالة، هل لذلك من دلالة؟ نعم، لقد ذكر ابن السبكي أن الإمام فخر الدين الرازي في نهاية (الإيجاز)، كذلك حازم القرطاجني في كتابه (منهاج البلغاء) أوضح أن كأن أبلغ