التشبيه حسيان مفردان، الذي يعنينا هنا هو وجه الشبه، حسي مفرد، من ذلك مثلًا التشبيه الخد بالورد، الوجه الشبه الحمرة، واحد مفرد، وحسي كذلك تشبيه الوجه بالبدر، وجه الشبه الإشراق مفرد حسي، كذلك مثلًا عندما نشبه البشرة بالحرير.
إذن فوجه الشبه هو لين الملمس مفرد حسي، كذلك مثلًا عندما نشبه طيب الرائحة في تشبيه النكهة بالعنبر، وجه الشبه وهو طيب الرائحة، أيضًا مفرد حسي.
هنا سؤال ممن ينتزع وجه الشبه الواحد الحسي، وجه الشبه الواحد الحسي، ينتزع من طرفين مفردين كما في الأمثلة التي سبق أن ذكرناها، وهذا هو الغالب أن يكون هذان الطرفان حسيين، كما في الأمثلة التي ذكرناها، ولا ينتزع من طرف عقلي إلا بتأويل وتخييل، كما في البيت الذي ذكرناه.
وأرض كأخلاق الكرام قطعتها ... وقد كحل الليل السماك فأبصر
فالمشبه في البيت مفرد حسي وهو الأرض، والمشبه به مفرد عقلي وهو أخلاق الكرام، وقد جمع الشاعر بينهما في وجه شبه حسي، وهو السعة أو الامتداد والانبساط، لكن هذا الوجه موجود في المشبه الحسي على جهة التحقيق، وموجود في المشبه به العقلي على جهة التخييل والتأويل، هذا هو القسم الأول من التقسيمة العقلية في أقسام وجه الشبه، أن يأتي وجه الشبه مفردًا حسيًّا.
قد يأتي وجه الشبه مفردًا عقليًّا، مثلًا عندما نقول: أصحاب النبي كالنجوم، نقول ذلك؛ لأن الحديث الذي ورد ((أصحابي كالنجوم)) فيه كلام عندما نقول: أصحاب النبي كالنجوم بأيهم اقتضينا، اقتفينا، أو اهتدينا.
هنا انتزع وجه الشبه، وهو مطلق الاهتداء من طرفين مفردين حسيين، وهما الصحابة والنجوم، ومن ذلك انتزاع أيضًا الشجاعة من الرجل الشجاع، والأسد في قولنا هذا الرجل كالأسد، فالوجه في المثالين وهما الاهتداء والشجاعة واحد وعقلي، كما ينتزع وجه الشبه من المفرد العقلي من طرفين مفردين عقليين.