مثلًا نقول: العلم كالحياة، فوجه الشبه وهو جهة الإدراك مفرد عقلي، وقد انتزع من طرفين مفردين عقليين، ممكن أيضًا وجه الشبه المفرد العقلي ينتزع من طرفين مختلفين كانتزاع الاغتيال مثلًا من المنية والسبع، عند تشبيه هنا المنية بالأسد، فالمشبه وهو المنية عقلي والمشبه به وهو الأسد حسي، وقد انتزع منهما وجه الشبه المفرد العقلي، وهو الاغتيال أيًّا ما كان، فكل هذه صور تدخل في وجه الشبه المفرد العقلي.
يأتي القسم الثالث: وهو وجه الشبه المركب الحسي، لأننا قلنا: إن وجه الشبه له سبع صور، ذكرنا المفرد الحسي، والمفرد العقلي، نتكلم عن المركب الحسي، فمثلًا عندما يقول الشاعر:
وكأن النجوم بين دجاها ... سنن لاح بينهن ابتداع
نجد أن وجه الشبه -وقد ذكرنا ذلك من قبل- هو الهيئة الحاصلة من وجود أشياء مشرقة مضيئة في جوانب شيء مظلم، فهنا قد انتزع الوجه المركب الحسي من طرفين مركبين، ومثلًا قول الشاعر:
وسقط كعين الديك عاورت صاحبي ... أباها وهيئنا لموقعها وقرا
فالسقط: هو النار الساقطة من الزند، وهي تنزل منه، ووسطها أسود، والعرب كانوا يضعون العودين أحدهما أسفل وأعلاهما أعلى، ويسمى الأعلى ذكر، والأسفل الأنثى، فيقرض فيها كلاهما قرضًا، ويجر فيها عود يُسمى أبًا، فإذا طال الزمن ولم تخرج النار تناوبوه حتى تخرج هذه النار على هيئة سقط كعين الديك، فالشاعر أخذ هذه اللقطة وجعل منها هذا البيت، فنجد في هذا البيت أن وجه الشبه وهو الهيئة المؤتلفة من اجتماع الحمرة، والشكل الكروي، وصغر الحجم مركب حسي، وقد انتزع من طرفين مفردين هما السقط، وهو ذاك الشرر