فهنا يشبه الهيئة الحاصلة من الشمس الساطعة على الروابي المزهرة المخضرة، وقد اختلطت الأشعة المشرقة بالخضرة القاتمة؛ فانكسرت بهذا الاختلاط حدة الضوء حتى صار يضرب إلى السواد، كل هذا صورة المشبه، لو أنك حذفت جزء منه؛ اختلَّ التشبيه يشبه، كل هذه الصورة أو الهيئة بليل مقمر، فالمشبه به مفرد مقيد، والمشبه كما ذكرنا مركب.
بعد أن ذكرنا أقسام التشبيه باعتبار الحسية والعقلية، وأقسام التشبيه باعتبار الإفراد والتقييد والتركيب، بقي أن نذكر أقسام التشبيه باعتبار وحدة الطرفين أو تعددهما.
معنى وحدة الطرف أن يكون أمرًا واحدًا مثل مثلًا: محمد كالأسد، فمحمد مفرد، أو أمر واحد، وليس متعدد الأسد كذلك، فهو شبه شيئًا واحدًا بشيء آخر واحد، معنى أن يكون الطرف متعدد أن يكون أمرين، أو عدة أمور، لكن لا يمزج بينها، بل يظل كل أمر منها على حدة، وإلا لصار طرفًا مركبًا؛ فالمتعدد هناك فرق بينه وبين المركب المتعدد أجزاء عبارة عن أمرين، أو عدة أمور، لا يمزج بينها.
هذا هو الفرق بينه وبين المركب، وبالمثال يتضح المقال فعندنا مثلًا صور التشبيه باعتبار وحدة الطرفين، وتعددهما، كما تقتضيها القسمة العقلية، عندنا تشبيه واحد بواحد، وعندنا تشبيه واحد بمتعدد، وتشبيه متعدد بواحد، وتشبيه متعدد بمتعدد، نذكر لكل بعض الأمثلة حتى تتضح صورة كل في الأذهان.
الأول: أن يكون المشبه واحدًا والمشبه به كذلك، فقول الله تعالى مثلًا {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} (الفيل: 5) المشبه هنا أصحاب الفيل المشبه به العصف المأكول كلاهما واحد، فلا تعدد في أي منهما.
تعال مثلًا عندما يصف الله هلاك قوم ثمود ثم قوم صالح يقول: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} (القمر: 31) فشبه القوم بالهشيم، وكلاهما واحد لا تعدد فيه، لكن انظر إلى دقة التعبير في كلا الموضعين تجد مثلًا استخدام الألفاظ