سهيل بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: رجل مشهور من اليمن. فهذان هما المرادان في البيت، لكن الشاعر أوهم السامع أنه يريد النجمين المشهورين؛ لأن الثريا من منازل القمر الشامية، وسهيلًا من النجوم اليمانية، إلا أنه أراد صاحبته المسماة بهذا الاسم، وكان أبوها قد زوجها برجل يدعى سهيلًا، فورى ابن أبي ربيعة بالنجمين عن الشخصين؛ ليكون أدعَى للإنكار متى أراد. وقد جاءت التورية مجردةً مما يلائم المعنى القريب المورى به، ولكن الشاعر أتى بما يلائم المعنى البعيد وهو قوله: "المنكح"؛ لأن النكاح من صفات الإنسان لا من صفات الكواكب. ومن شواهد هذه الصورة قول عماد الدين:

أرى العقد في ثغره محكمًا ... يرينا الصحاحَ من الجوهري

ومنثور دمعي غدَا أحمرَ ... رويناه عن وجهك الأزهري

التورية هنا في لفظ "الصحاح"؛ لأنه دال على معنيين؛ قريب مراد، وبعيد غير مراد، والقريب هو كتاب الجوهري المسمى بهذا الاسم (الصحاح) وهو أحد معاجم اللغة المعروفة، والبعيد الخفي هو أسنان محبوبته الشبيهة بالجوهر، وقد خلت التورية من ملاءمات المعنى القريب وإن جاءت مقترنةً بما يلائم المعنى البعيد، وهو قوله: "في ثغره"؛ لأنها من ملاءمات الأسنان، ولذلك فإن التورية مجردة؛ لعدم مجامعتها لشيء من ملاءمات المعنى القريب.

الصورة الثالثة من صور التورية المجردة: فهي أن يجامع التوريةَ شيءٌ مما يلائم المعنى القريب وشيء آخر يلائم المعنى البعيد، فيجتمع فيها الشيئان كلاهما، وكأن الشيئين تعارضَا فتساقطَا، فكأن لم يكن في الكلام شيء، لا من ملاءمات المعنى القريب ولا من ملاءمات المعنى البعيد. ومثال هذه الصورة قول الشاعر -وقد سبق:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015