ولا يمكن أن يكون قوله في بديعيته إذا تجاوزنا عما فيها من الصنعة من مقابلة خمسة بخمسة وهو:

بواطئٌ فوق خدّ الصبح مشتهر ... وطائر تحت ذيل الليل مكتتم

فكل كلمة من الشطر الأول تقابلها كلمة من الشطر الثاني على الترتيب بغض النظر عن التضاد الحقيقي؛ لأنه ليس مطلوباًَ في المقابلة، ونظيره قول صفي الدين الحِلي:

كان الرضا بدنوي من خواطرهم ... فصار سخطي لبعد عن جوارهم

فقابل كان والرضا ودنو ومن وخواطر، بصار والسخط والبعد وعن وجوارهم، ونلاحظ أنه لا تضاد بين الجوار والخواطر إلا على اعتبار أن الخواطر تجول داخل فكر الإنسان، والجوار يكون خارجًا عن فكره، وهذا جارٍ على مذهب من يرى أن المقابلة تكون بالأضداد وغيرها.

وأما مقابلة ستة بستة فلا يُعرف له إلا هذا البيت الذي ينسب إلى عنترة:

على رأس حر تاج عز يزينه ... وفي رجل عبد قيد ذل يشينه

قال الصفدي في (شرح اللامية): هذا أبلغ ما يمكن أن ينظم في هذا المعنى وكأن كثرة عدد المقابلات هو سر بلاغة هذا اللون، وهذا صريح عند العباسي الذي يقول: وكلما كثر عدد المقابلة كان أبلغ، وقد سبق أن تعرضنا لهذا المقياس عند الخطيب ولا يمكن أن يكون هذا مقياسًا صحيحًا، فليس من المعقول أن يكون ما فيه خمس مقابلات أبلغ مما فيه مقابلتان لمجرد العدد فقط، ولكن يبدو أن النظر إلى كثرة المقابلات وأثرها في بلاغة الكلام تعود إلى تاريخ قديم.

قال الحاتمي في (حلية المحاضرة): ومن بديع الطباق قول عمرو بن كلثوم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015