حيث قابل باسط وخير وفيكم ويمين بقابض وشر وعنكم وشماله.

وأما مقابلة خمسة بخمسة، فقد ذكروا لها قول أبي الطيب السابق:

أزورهم وسواد الليل يشفع لي ... وأنثني وبياض الصبح يغري بي

وهذا على أساس أن" لي" تُضاد "بي"، ولكن الخطيب لا يرتضي ذلك قال: وفيه نظر؛ لأن اللام والباء فيهما صلتا الفعلين فهما من تمامهما، وهذا البيت قال فيه ابن حجة الحموي: ولا أعلم في باب التقابل أفضل من هذا البيت لجمعه من المتقابلات ما لم يجمعه بيت لشاعر قبله ولا بعده إلى يومنا هذا، مع ما فيه من تمكين قافيته. وليس الأمر كما قال، فإذا سلمنا مع الخطيب أن هذا من مقابلة أربعة بأربعة وجدنا نظائر قبله وبعده، فمن هذا قول الشاعر وقد استشهد به العباسي:

يا أُمة كان قبح الجور يسخطها ... دهرًا فأصبح حسن العدل يرضيها

ومنه قول آخر:

نهار غرته البيضاء أرشدني ... وليل طرته السوداء أغواني

وقد جعل ابن حجة من مقابلة خمسة بخمسة وهو أعلى أنواع المقابلة عنده قول علي لعثمان: "إن الحق ثقيل مري والباطل خفيف وَبِي، وأنت رجل إذا صدقت سخطت وإذا كذبت رضيت"، والذي ذهب إليه ابن حجة هنا ليس بصحيح، فالذي معنا هنا مقابلتان؛ الأولى بين ثلاثة وثلاثة وهي: "إن الحق ثقيل مري والباطل خفيف وبي"، هذا جاء في جملة، أما الثانية التي جاءت في جملة أخرى فهي بين اثنين واثنين وهي: "وأنت رجل إذا صدقت سخطت وإذا كذبت رضيت"، ولو سلمنا بأن هذا من مقابلة خمسة بخمسة لانفتح الباب على مصراعيه للوصول بالمقابلة إلى عشرات الأضداد، ولأصبحت الجمل والفقرات المتتابعة ذات المقابلات المتعددة مقابلة واحدة. وهذا ما لا يكون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015