هذا الوجه مصطلح التدبيج واختص بالألوان وحدها، غير أنهم اشترطوا أن يكون القصد من ذكر هذه الألوان الكناية أو التورية، وقد بحثه جماعة من العلماء على أنه فن مستقل بنفسه كما في (بديع القرآن) و (تحرير التحبير) و (الطراز) و (معترك الأقران)،.

وذهب ابن أبي الإصبع إلى أن هذا اللون من مخترعاته وأنه لم يُسبق إليه، لكن الدكتور حفني شرف والدكتور أحمد مطلوب يريان أنه لا فضل له فيه إلا وضع المصطلح وحده، فهو بعينه التورية أو الكناية، أو هو بعينه ما أسماه ابن سنان الخفاجي "المخالف"، أما الدكتور مصطفى الصاوي الجويني فإنه ينفي الشبه بين عمل ابن أبي الإصبع وعمل ابن سنان، فهذا شيء وذاك شيء آخر، وإن جمع بين الأمرين استخدام الألوان، ويسلم مع ابن حجة باختراع ابن أبي الأصبع للتدبيج.

وإذا غضضنا الطرف عن المصطلح وسلمناه لابن أبي الإصبع؛ فإننا نجد أن العناية بالألوان والجمع بينها في نص أدبي أقدم من ذلك بكثير، والمقصود بالألوان ما دون السواد والبياض؛ لأن هذين اللونين متضادان على الحقيقة، وأما ما عداهما من الألوان فليس بينهما تضاد على الحقيقة، والذين التفتوا إلى الجمع بين الألوان عالجوها في إطار الطباق، وهذا هو الذي مهد الطريق للقزويني ليعود بالألوان إلى الطباق، غير أن القدماء الذين التفتوا إلى هذا اللون لم يشترطوا في الجمع بين الألوان ما اشترطه المتأخرون.

والعجيب في الأمر، أن ابن سنان الخفاجي وابن رشيق -وهما متعاصران زمانًا، متباعدان مكانًا- نظرَا إلى هذا الموضوع نظرة واحدة، وجعلَا دخول هذا الفن -الطباق- على أساس المخالفة وليس على أساس التضاد، وقد ذهب ابن رشيق إلى أن دخول المخالف - الطباق- مبنيّ على المسامحة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015