قد كانت البيض المآثير في الوغى ... بواتر فهي الآن من بعده بُتر
فبواتر جمع باتر وهو اسم فاعل بمعنى قاطع، وبُتر جمع أبتر من معانيه المقطوع أو المنقطع، يقول العباسي: والبواتر السيوف القواطع، والبتر جمع أبتر وهو المقطوع، ويؤيد هذا المعنى هنا قول التبريزي والبتر: التي لا أذناب لها في الأصل، وإنما أراد هنا انقطاع البقية وقلة الخير، فوقوع القطع هنا على الشيء الأبتر قائم معنا سواء أكان هذا الشيء مقطوعًا أصلًا أم وقع الانقطاع عليه بعد ذلك، والانطباع السريع عند سماع البيت يوحي بأن أبا تمام يكشف عن صورتين متضادتين للسيوف؛ إحداهما في حياة المرثي والأخرى بعد وفاته، وهو قريب من بيت عبد يغوث السابق وليس من بابه؛ لأنه في ذلك البيت يتطابق اسم الفاعل مع اسم المفعول لفظًا ومعنًى، وليس الأمر كذلك في بيت أبي تمام.
وقد التفت إلى هذا النوع من قبل ابن رشيق وهو بصدد ما اختلط فيه التجنيس والطباق، فقال: معنى هذا الباب قولك فاعل ومفعول، نحو: خالق ومخلوق، وطالب ومطلوب، هما ضدان في المعنى وإن تجانسَا في اللفظ، وكذلك ما كان اسم الفاعل منه مفعِل والمفعول مفعَل، نحو: مكرم ومُكرم، ومعط ومعطًى، وما جرى هذا المجرى أو زاد عليه في البناء.
ومن قبل ابن رشيق ذكر الباقلاني قول كعب بن زهير مثالًا للجمع بين طباقين:
لعزمة مأمور مطيع وآمر ... مُطاع فلا يُلفَى لِحزمهم مثل
فبين مأمور وآمر تضاد، وكذلك بين مطيع ومطاع.
ومن الطباق الخفي ما يُسمى بطباق التدبيج، وتعني هذه الكلمة التزيين بطريق النقش والألوان، جاء في (لسان العرب): الدبج: النقش والتزيين، فارسي معرب، والنقش والتزيين يقومان أساسًا على الأصباغ والألوان، وربما جاء من