والشواهد على اجتماع صورتين للفعل الواحد إحداهما يُبنى الفعل فيها للمعلوم والأخرى للمجهول أكثر من أن تحصى، وفي هذا النوع يتحقق التضاد بين الصورتين ويدخل باب الطباق، ونختم هذه النماذج بقول شوقي:
يا طَيرُ وَالأَمثالُ تُضـ ... رَبُ لِلَّبيبِ الأَمثَلِ
دُنياكَ مِن عاداتِها ... َلّا تَكونَ لِأَعزَلِ
أَو لِلغَبِيِّ وَإِن تَعَلـ ... لَلَ بِالزَمانِ المُقبِلِ
جُعِلَت لِحُرٍّ يُبتَلى ... في ذي الحَياةِ وَيَبتَلي
يَرمي وَيُرمى في جِها ... دِ العَيشِ غَيرَ مُغَفَّلِ
مُستَجمِعٍ كَاللَيثِ ... إِن يُجهَل عَلَيهِ يَجهَلِ
ففي الأبيات الثلاثة الأخيرة ثلاثة نماذج لاجتماع صورتين للفعل الواحد مرة مبنية للمعلوم ومرة أخرى مبنية للمجهول، والمسند إليه واحد في الصورتين، الفعل الأول يبتلى والثاني يُرمى والثالث يُجهل، غير أن الأخير عُدي -كما سبق أن ذكرنا- إلى نائب الفاعل بحرف الجر؛ لأنه لازم كما جاء في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وإذا استقام لنا أمر الطباق بين صورتي الفعل -كما سلف- فإنه سيترتب عليه حتمًا استقامة أمر الطباق بين اسم الفاعل وهو مصوغ من الفعل المبني للمعلوم، واسم المفعول وهو مصوغ من الفعل المبني للمجهول إذا صيغَا من مادة واحدة، ونكتفي هنا من هذه الصورة بقول عبد يغوث الحارثي:
أنا الليث معدوًّا عليَّ وعاديًا ... ......................................
فاسم الفاعل عاديًا يعني أن العدوان وقع منه، واسم المفعول معدو عليه يعني أن العدوان وقع عليه، وهما أمران متضادان، ومن هنا حدث الطباق بينهما كما حدث قبل ذلك بين الفعل الواحد إذا جاء مرة مبنيًّا للفاعل ومرة مبنيًّا للمفعول، ولا فرق بين هذا وذاك، ولا يبعد أن يكون منه قول أبي تمام: