فكلمة عبد جاءت مثبتةً مرة ومنفيةً أخرى، ومثله في ذلك قول أبي تمام:
إلى سالم الأخلاق من غير عائبٍ ... وليس له مال على الجُود سالم
فكلمة سالم جاءت مرة مثبتةً ومرة منفيةً، على الرغم من أن سالم المثبتة تعني سلامة الأخلاق، وسالم المنفية تعني سلامة المال، وبينهما فرق.
ومن شواهد ابن أبي الإصبع في الأسماء قوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ} (المجادلة: 2)، فهنا أمومة مثبتة وأمومة منفية، ومنه قوله -عز وجل-: {وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَان} (الرعد: 4)، وقوله تعالى: {مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَة} (الحج: 5)، وقوله -عز وجل-: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} (الحج: 2).
ومن الطباق في الأسماء قول النابغة:
خيل صيام وخيل غير صائمة تحت ... العجاج وأخرى تعلق اللجم
وقول مسلم بن الوليد:
كيف السلو لقلب راح مختبلًا ... يهذي بصاحب قلب غير مختبل
ومنه قول أبي تمام:
هب من له شيء يريد حجابه ... ما بال لا شيء عليه حجاب
ومنه قول بعضهم:
لا تلمني على التي فتنتني ... وأرتني القبيح غير قبيح
وهذا باب واسع، وللقدماء فيه لفتات طيبة، ولكن الخطيب ضيق الواسع وحصره في آفاق محدودة بلا ضرورة. وإذا كان الخطيب قد توقف عند الأفعال وحدها في طباق السلب فقد وقف القدماء عند الأفعال والأسماء في السلب