فعندنا مثلًا قول الله تعالى: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} (الصافات: 48، 49)، قوله: {وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} (الواقعة: 22، 23)، قوله: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} (الرحمن: 58)، فالمشبه في كل هذه الآيات هو نساء أهل الجنة، والمشبه به هو بيض النعام، واللؤلؤ المكنون، والياقوت، والمرجان، وكما نرى كلها من المبصرات فهي مدركة بحاسة البصر؛ إذن فهي حسية.

ونتأمل الدقة في هذه الآيات لنرى مدى إبراز جمال الحور، والإبداع في تصوير حسنهن، فهن حور وقاصرات الطرف، وعين يعني: مبالغة في الحسن، وحور أي: شديدات سواد العيون وبياضها، وقاصرات الطرف يعني: حابساتها على أزواجهن، وعِين يعني: ضخام الأعين حسان، وكل هذه الألفاظ كما ترى تبرز معاني الجمال، والحسن في هذه النساء التي يتلذذ بها أهل الجنة، نسأل الله أن يجعلنا منهم.

من ذلك أيضًا من المسموعات: ما نقوله مثلًا، أو كما يقول ذو الرمة:

كأن أصوات من إيغالهن بنا ... أواخر الميس أنقاض الفراريج

هذا تشبيه بالصوت، فهو يشبه الصوت المنبعث من احتكاك الرحل بعضه ببعض نتيجة شدة السير واضطراب الرحال، بصوت الفراريج، وهي صغار الدجاج؛ فوجه الشبه هو الاشتراك في هذه النغمة الخاصة، وطرفا التشبيه من المسموعات. من تشبيه الحسي أيضًا بالحسي تشبيه بعض الفاكهة مثلًا بالعسل في الحلاوة، وتشبيه ريق الحبيب بالخمر في الطعم الجميل المذاق، ومنه قول امرئ القيس:

كَأَنَّ المُدامَ وَصَوبَ الغُمامِ ... وَريحُ الخُزامى وَنَشرُ القُطُر

يُعِلُّ بِهِ بَردُ أَنيابِها ... إِذا غرّد الطائِرُ المُستَحِر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015