وضمن المشمومات نشبه مثلًا النكهة بالعنبر الملموسات يقول الشاعر:

لها بشر مثل الحرير ومنطق ... .........

فهنا يشبه البشرة بالحرير، هذا أمر يدرك باللمس، وكثيرًا ما يلجأ الأديب إلى تأليف واختراع صور خيالية؛ مبديًا براعته الفنية، ومظهرًا المشبه في صورة رائعة، وهذا الطرف الذي يخترعه الأديب ويتخيله يُسمى حسيًّا غير حقيقي، أو يسمى خياليًّا؛ لأن مادته أو أجزاء صورته مدركة بالحس، وإن كان بهيئته التركيبية لا وجود له، من ذلك مثلا قول الصنوبري يصف شقائق النعمان يقول:

وكأن محمرَّ الشقيـ ... قِ إذا تصوَّبَ أو تَصَعَّدْ

أعلامُ ياقوتٍ نشر ... ن على رماحٍ من زبرجد

فالمشبه هو شقائق النعمان، والمشبه به الأعلام المركبة من ياقوت منشور على رماح من زبرجد. هذا طبعًا لا وجود له في الواقع، لكن المادة التي تتكون منها هذه الصورة موجودة كالزبرجد، والرماح، والياقوت، والأعلام، كل هذه الأشياء موجودة في الطبيعة، لكن هذه الصورة مركبة إنما هي تخضع للخيال.

فهذه صورة صنعها خيال الشاعر ولا وجود لها في الواقع، ولا تدرك بالحواس الظاهرة، ولكن المواد والأجزاء التي صُنعت منها هذه الأمور ورُكبت منها هي التي تُدرك بالحس، وهي التي تقع تحت دائرة الواقع.

النوع الثاني من أقسام التشبيه باعتبار الحسية والعقلية، هو تشبيه المعقول بالمعقول: كتشبيه الجهل مثلًا بالموت، والعلم بالحياة، وتشبيه العشق بالموت، كما يقول الشاعر:

العشق كالموت يأتي لا مرد له ... ما فيه للعاشق المسكين تدبير

فوجه الشبه بين العشق والموت عدم القدرة على دفعه ورده، نسأل الله العافية، أو يدخل في هذا تشبيه السفر بالعذاب، كما في الحديث ((السفر قطعة من العذاب))، وكذلك تشبيه الضلال عن الحق بالعمى، وتشبيه الاهتداء إلى الحق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015