الكرامة، والإباء، والنجدة، أو أن يكون من المعاني التي يحسها بوجدانه مثل الجوع، والعطش، والشبع، والفرح، والحزن، والطمأنينة، والخوف. فلا مدخل للحواس الخمس في إدراك هذه الأمور على الإطلاق، وإنما مجال إدراكها هو العقل أو الشعور الوجداني، والحس الباطني، يلحق بالعقل الأمور الوهمية التي لا وجود لها ولا لمادتها في الخارج، ولكنها استقرت في وهم الإنسان؛ نتيجة أسطورة مثلًا، كما في قول امرئ القيس:

أيقتلني والمشرفي مضاجعي ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال

فهو يشبه بأنياب الأغوال، وفرق بين الطرف العقلي والطرف الوهمي، فالعقلي له وجود وثبوت وتحقق في الذهن، ولكن لا مدخل للحواس في إدراكه.

أما الوهمي فلا ثبوت، ولا تحقق له عقلًا ولا حسًّا؛ لعدم وجوده أصلًا، كما أن هناك فرقًا بين الطرف الوهمي والطرف الخيالي، الذي هو ملحق بالطرف الحسي؛ فالخيالي هيئته التركيبية لا وجود لها، ولكن أجزاء هذه الهيئة ومادتها موجودة ومدركة بالحواس.

أما الوهمي فلا وجود له ولا لأجزائه البتة حتى تُدرك أو تُشاهد، وسنذكر من الأمثال ما تتضح به هذه الأقسام جميعًا. فعندنا مثلًا التشبيه يتنوع باعتبار حسية طرفيه أو عقليته إلى عدة أقسام، فهناك: تشبيه محسوس بمحسوس، وهناك عقلي بعقلي، هناك عقلي بحسي، وهناك حسي بعقلي، هذا هو ما تقتضيه القسمة العقلية.

سنذكر بعض الأمثلة حتى تتضح هذه الصور، وهذه الأقسام، وليست هذه الأٌقسام -هذا أمر لا بد من التنبيه عليه- مقصودة لذاتها، ولكن فقط للتعليم ولتمرين الإنسان والعقل على كيفية التعرف على هذه الأقسام، وهذه الأنواع، لكن الأصل في البلاغة هو التذوق كما نعلم هذا جيدًا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015