خلافًا لما في نحو قولنا مثلًا: في الاستعارة رأيت أسدًا، وحدثته، وشاهدت بحرًا في المسجد، لماذا، ما الفرق بين هذا وذاك؟
لأن المرجع في هاتين الأخيرتين مبنيتان على تناسي التشبيه، وبولغ في طيه هو المشبه، وبولغ كذلك في تجاهله، ولذلك نقول: إن هاتان من قبيل الاستعارة، رأيت أسدًا وحدثته، وشاهدت بحرًا في المسجد مثل هذا لا يُعد تشبيهًا، وإنما يعد استعارة.
أما المشبه به فهذا هو الذي يتحتم ذكره، ولا يتأتى حذفه بحال من الأحوال؛ لأن في حذفه تفويتًا للغرض المقصود من التشبيه.
نتكلم عن أقسام التشبيه باعتبار طرفيه، فمباحث الطرفين هما المشبه والمشبه به، نظر البلاغيون إلى هذين الركنين فوجدوا أن لهذين الركنين صفات، وأحوال، وعلى أساس هذه الصفات والأحوال نوعوا التشبيه وقسموه، فالطرف قد يكون حسيًّا، وقد يكون عقليًّا، وقد يكون مفردًا، وقد يكون مقيدًا، وقد يكون أمرًا واحدًا، وقد يكون متعددًا. هذه كله يحتاج إلى تفصيل حتى نعرف مباحث الطرفين، ونذكر هذه الأقسام والأنواع، ونضعها دائمًا في أذهننا، ونحن نطبق هذا على الأمثلة التي تعترضنا.
نبدأ أولًا بأقسام التشبيه باعتبار الحسية والعقلية: أولًا معنى حسية الطرف وعقليته: حسية الطرف: أن يكون مدركًا هو أو مادته التي يتركب منها بإحدى الحواس الخمسة الظاهرة، وهي البصر، والسمع، والشم، والذوق، واللمس.
وعقلية الطرف: ألا يكون هو ولا مادته مدركًا بالحواس بأن يكون من المعاني التي يُدركها المرء بعقله مثل: العلم، والحياء، والذكاء، والمروءة، ومثل