وفي أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- جاءت المقابلة الرائعة في قوله مثلًا -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: ((إنكم لتكثرون عند الفزع، وتقلون عند الطمع)) وجاء العكس والتبديل في قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((جار الدار أحق بدار الجار)) وجاء الجمع في قوله: ((مَن أصبح آمِنًا في سربه، معافًى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حِيزت له الدنيا بحذافيرها)).
وهذا قليل من كثير من الألوان البديعية التي زخر بها الحديث النبوي الشريف.
كما جاء الأدب الإسلامي شعره ونثره، وقد تناثرت فيه ألوان البديع التي جاءت على سجية القوم وفطرتهم، ولا غرابة أن تبقى الفطرة العربية الخالصة هي المسيطرة وهي الموجهة، فالقوم ما زالوا يعتزون بعروبتهم ويفخرون بها، ولا تزال الصحراء هي مقام الكثيرين منهم، ولم يكن قد بعد عهدهم بها، كما كانوا يأنفون من مخالطة غيرهم من الأعاجم.
فمن ألوان البديع العكس والتبديل في قول عبد الله بن الزبير:
فردَّ شعورهن السود بيضًا ... ورد وجوههن البيض سودا
والطباق في قول الفرزدق:
لعن الإله بني كليب إنهم ... لا يغدرون ولا يفون لجار
يستيقظون على نهيق حمارهم ... وتنام أعينهم عن الأوتار
وجاء الجناس في قول جرير:
وما زال معقولًا عِقال عن الندى ... ومازال محبوسًا عن المجد حابس
والإرصاد في قول عدي بن الرقاع:
تسجي أغنك أن إبرة روقه ... قلم أصاب من الدواة مدادها
وجاء التقسيم في قول قتيبة بن مسلم الباهلي: مَن كان في يده من مال عبد الله بن حازم شيء فلينبذه، وإن كان في فمه فليلفظه، وإن كان في صدره فلينفثه.