المعاني. وقولهم: مع رعاية أسباب البلاغة؛ لأنه مع عدمها لا تكون الصناعة كاملة.
وهذا التعريف يوضح رأي علماء البلاغة المتأخرين في معنى البديع، بعد أن أخذت علوم البلاغة شكلها النهائي على يد الإمام أبي يعقوب السكاكي.
ويتضح من خلال المعنيين -اللغوي والاصطلاحي- عدة أمور:
أولها: أن الإبداع في الفنون والآداب بمعنى إنشائها على وجه جديد مبتكر، خال من التقليد أو المحاكاة؛ داخل في المعنى اللغوي لهذه المادة.
ثانيًا: أن علماء اللغة كانوا على علم بدوران كلمة البديع واستعمالها في مجال الأدب والشعر، خلافًا لما ذهب إليه ابن المعتز فقد أنكر على علماء اللغة معرفتهم بهذا الاسم ودرايتهم به، حيث قال: البديع اسم موضوع لفنون من الشعر يذكرها الشعراء والنقاد المتأدبين، فأما العلماء باللغة والشعر القديم فلا يعرفون هذا الاسم ولا يدرون ما هو.
قد يعتذر عن ابن المعتز بأن استعمال اللغويين لهذه الكلمة ودورانها على ألسنتهم مرجعه اصطلاح الأدباء والرواة، الذين أطلقوا اسم البديع على محسنات الكلام المخصوصة، ويكون ذكره في اللغة كما يذكر مصطلح العروضيين والنحويين وغير ذلك.
ثالثها: المناسبة بين معنى البديع في لغة العرب وبين إطلاقه على المحسنات البديعية المخصوصة مناسبة واضحة ظاهرة ودقيقة؛ لأن الشيء المبدَع المبتكر لا يخلو من الحسن والروعة والانبهار والطرافة، كما أن ألوان الكلام التي أطلق عليها المُحْدَثون اسم البديع تكسب الكلام حسنًا وجمالًا، وتخلع عليه بهجةً وجلالًا.