الناحية، يقال: تعرض الجمل في الجبل، يعني أخذ في مسيره يمينًا وشمالًا لصعوبة الطريق، ولفلان عُرضة أي: ضرب من الحيلة، ونظرت إليه عن عرض أي: من جانب وناحية.
وهو عند البيانيين: المعنى الحاصل عند اللفظ لا به، فهو معنى يفهم من عرض الكلام وجوانبه، ومؤدى هذا التعريف أن المتلقي يدرك المعنى الذي يهدف إليه الأديب من سياق الكلام وقرائن الأحوال، لا من صريح اللفظ بوضعه اللغوي، ولا من استعماله في غير ما وضع له؛ استنادًا إلى قرينة، سواء أكانت هذه القرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي أو غير مانعة. ولما كان هذا هو مراد البيانيين من المفهوم المذكور فقد ضمنوه قيدين؛ الأول: هو قولهم: المعنى الحاصل عند اللفظ، وهو قيد قد يفيد العموم بحيث يشمل الحقيقة والمجاز والكناية، وإنما قلنا: "قد" بلفظ التقليل؛ لأن مَن يتأمل لفظ "عند" يدرك أنه يخرج هذه الثلاثة من مضمونه؛ لأن كلًّا منها يؤدي المعنى بلفظه لا عنده.
الأمر الثاني أو القيد الثاني هو قولهم: لا به إذ يخرج هذا القيد هذه الثلاثة -الحقيقة والمجاز والكناية- إخراجًا مؤكدًا؛ لأن المعنى يؤدى به صريحًا لا ضمنًا، وإذا خُرجت هذه الثلاثة من كنف التعريف بقي خاصًّا بالتعريض وحده، فإنه حاصل بغير اللفظ من طريق السياق وقرائن الأحوال، وهذا هو السر في تسميته تعريضًا؛ لأن المعنى يفهم من عرض الكلام أو جانبه. والتعريض بما سبق يتفق مع الكناية في أن كلًّا منهما معنًى يفهم من الكلام ولا تدل عليه الألفاظ دلالة حقيقية.
فقولنا مثلًا: فلان كثير الرماد، دل على معنى الكرم بطريق الكناية والتلازم بين معنى الكرم وكثرة الرماد، وليست دلالة كثرة الرماد على الكرم دلالة حقيقية،