رِقاق النعال طيب حجزاتهم ... يحيون بالريحان يوم السباسب

والحجزات هي مواضع شد إزارهم من الوسط، ويوم السباسب هو يوم عيد عند النصارى يسمى بيوم الشعانين، ففي البيت هنا ثلاث كنايات؛ الأولى: هي الكناية عن الترف والسيادة بِرِقة النعال، فهم لا يمشون حتى يخصفوا نعالهم ويجعلوها سميكة، وإنما يركبون الخيل، ويلزم من ذلك الترف والسيادة، والثانية: الكناية بطيب حُجزاتهم عن صفة العفة والطهارة، والثالثة: الكناية عن رقة أمزجتهم وحسن أذواقهم ومحافظتهم على التقاليد المرعية بقوله: "يحيون بالريحان يوم السباسب".

ومن ذلك قول طرفة بن العبد في الكناية بصغر الرأس عن الذكاء:

أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه ... خشاش كرأس الحية المتوقد

الضرب أي: الخفيف اللحم، والخشاش: الصغير الرأس، والمتوقد: الذي هو سريع الحركة، فَهُم يكنون بصغر الرأس عن الذكاء كما يكنون بعظمها وضخامتها عن الغباء والبلادة وبعرض القفا عن صفة البلة.

القسم الثالث من أقسام الكناية: الكناية عن نسبة، وهي ما صرح فيها بالموصوف وبالصفة ولم يصرح بنسبة الصفة إلى الموصوف، بل يذكر مكانها نسبة أخرى تستلزم نسبتها إليه، ومن روائع هذه الكناية قول أبي نواس يمدح الخصيب أمير مصر وكان قد رحل إليها في عهده:

إذا لم تزر أرض الخصيب ركابنا ... فأي فتًى بعد الخصيب تزور

فتى يشتري حسن الثناء بماله ... ويعلم أن الدائرات تدور

فما جازه جود ولا حل دونه ... ولكن يصير الجود حيث يصير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015