حدثني بلغة المدفع، كناية عن القوة، ونظر إلى الدنيا بمنظار أسود، كناية عن التشاؤم، وفلان ناعم الأظفار، كناية عن قلة الخبرة والتجربة إلى غير ذلك.

ومن شواهد الكناية عن صفة في النظم الكريم: قول الله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} (لقمان: 18) فكنَّى عن صفتي التكبر والفخر بتصعير الخد والمرح في الأرض؛ لما بين الصفتين المذكورتين والمكنى عنهما من تلازم. وأنت عندما تقرأ قول الله تعالى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} (الأنفال: 7) تجد في الآية كنايتين؛ الأولى: كناية عن موصوف في قوله: {ذَاتِ الشَّوْكَةِ} فقد كنَّى به عن الحرب والنفير، والثانية: كناية عن صفة وذلك في قوله: {وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} فقد كنى به عن صفة الاستئصال والإبادة.

ومن شواهد الكناية عن صفة أيضًا في أشعارهم: قول الحماسي في الكناية عن ضخامة الأرداف وعظم الثدي وضمور الخصر والبطن:

أبت الروادف والثدي لقنصها ... مس الظهور وأن تمس بطونًا

وقول المتنبي في الكناية عن صفتي العِز والسيادة، والفقر والحاجة:

فمساهم وبسطهم حرير ... وصبحهم وبسطهم تراب

وقد مرت بنا هذه الأمثلة.

من ذلك أيضًا قول عمرو بن أبي ربيعة في الكناية عن طول الجِيد:

بعيد مهوى القرط إما لنوفل ... أبوها وإما عبد شمس وهاشم

وقول النابغة الذبياني في مدح الغساسنة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015