الفراق، ويزيد في ألمه وحزنه أن ما ألجأه إلى الرحلة لم يكن إعراض حسناء، وإنما كان غدرًا من رجل أولاه قلبه وحبه، ولو كان ما لحقه من إعراض الحسناء لوجد شيئًا من العذر يعينه على احتمال البقاء بين خِلانه وأهل مودته، ولكنه من غدر رجل صديق، فلم يكن بُد من الرحلة والفراق.

ومن الكناية عن موصوف: قول البحتري في وصف طعنة أصاب بها ذئبًا:

فأتبعتها أخرى فأضللت نصلها ... بحيث يكون اللب والرعب والحقد

أضللت يعني: غيبت، والنصل هو حديدة الرمح والسهم.

ومنه قول عمرو بن معد يكرب:

والضاربين بكل أبيض مخدم ... .......................

المخدم: هو القاطع من السيف.

......................... ... والطاعنين مجامع الأضغان

فكنى بمجامع الأضغان عن القلب، ويكنى عنه بذات الصدور وبمواطن الأسرار وبأماكن الحقد والرعب، كما في قول البحتري السابق الذكر.

من ذلك أيضًا: قولهم عن الخمر: أم المصائب وأم الكبائر؛ لشهرة الخمر عند العقلاء بجلب المصائب وتوليد الكوارث وارتكاب الموبقات من الكبائر، وفي الكناية عن النساء: ذوات الخلاخل، وفي الكناية عن الدينار: الأصفر الرنان، وفي الكناية عن الصدر: موطن الحِلم، وعن اللغة العربية بأنها لغة الضاد. يقول شوقي:

إن الذي ملأ اللغات محاسنًا ... جعل الجمال وسره في الضاد

وقولهم في الكناية عن السفينة: ابنة اليم؛ لملازمتها ماء البحر، ونلاحظ في الشواهد والأمثلة المذكورة أن الصفات التي صرَّح بها، لها مزيد اختصاص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015