وكذلك الاستعارة في قوله تعالى مثلا: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} (الحاقة: 11) في قوله -عز وجل-: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} (الإسراء: 24) القرينة فيهما تمنع إرادة المعنى الأصلي للطغيان كما تمنع إرادة المعنى الحقيقي للذل، أما القرينة بأسلوب الكناية فإنه لا تمنع إرادة المعنى الأصلي للفظ، ففي الشواهد المتقدمة لا تمنع القرينة من أن يعض الظالم المتندم على يديه يوم القيامة، وأن يقلب صاحب الجنة التي صارت خاوية كفيه حال ندمه، وأن تجتمع الحمرة والخجل وكثرة الرماد والكرم، إلا إذا عرض عارض خارجي يمنع إرادة المعنى الأصلي في الكناية، فعندئذٍ يمتنع إرادته بسبب هذا العارض.
كما في قول الله تعالى مثلًا: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (الشورى: 11) وذلك على القول بأن الكاف أصلية، وأن الآية تفيد نفي المثلية عن الله -عز وجل- بطريق الكناية، إذ نفي مثل المثل يستلزم نفي المثل، ويمتنع في الآية إرادة المعنى الأصلي، وهذا الامتناع ليس بسبب القرينة، وإنما بسبب عارض خارجي، وهو إفادة ثبوت المِثل لله، وذلك محال. ويجوز جعل الكاف صلة زائدة، فلا يكون في الآية كناية حينئذٍ.
وننتقل بعد ذلك للحديث عن أقسام الكناية:
الكناية تنقسم -كما هو متعارف عند علماء البلاغة- إلى كناية عن موصوف، كناية عن صفة، وكناية عن نسبة.
أما الكناية عن موصوف: فهي التي يصرح فيها بالصفة وبالنسبة ولا يصرح بالموصوف، أو هي تلك التي يكون المكني عنه ذاتًا ملازمةً للمعنى الذي تهتف به نفس الأديب، ومن تحديد