الأوصاف معناها المباشر، إلى جانب المعنى الذي يدرك منها لمحًا وإيحاء، أما أن يراد وحده فذاك ما يأباه السياق.

الحديث عن عَلاقة الكناية والفرق بينها وبين المجاز يحتاج إلى وقفة؛ ذلك أن استخدام اللفظ في غير معناه الذي وضع له لا يتم إلا عند وجود علاقة تربط بين المعنيين: المعنى الكنائي الذي استخدم فيه اللفظ والمعنى الأصلي الذي كنَّى به المتكلم كما هو الحال في المجاز.

والعلاقة هنا في الكناية هي علاقة الردف والتبعية، أو بمعنى آخر التلازم بين المعنى الذي يدل عليه ظاهر اللفظ وبين المعنى المراد منه، ففي قول الله -عز وجل-: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} (الفرقان: 27) عبَّر عن الشعور بالتحسر والندم على ما فات بالعض على اليدين.

وكذا في قوله تعالى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا} (الكهف: 42) عبر عن نفس المعنى وهو الندم والحسرة بتقليب الإنسان كفيه، والعلاقة بين الندم والتحسر وبين عض اليدين أو تقليب الكفين، هي التلازم الذي يرجع إلى ما عرف عن الإنسان وطباعه، فقد عرف عنه أنه إذا ندم عض على يديه أو قلَّب كفيه؛ متحسرًا على ما فات، كما أن من طباعه حمرة الوجه عند الخجل وتقضيبه عند الغضب، وفي قول الشاعر:

يذكون نار القرى في كل شاهقة ... يلقى بها المندل الهندي محطوما

المندل الهندي: هو عود طِيب طَيب الرائحة، يستجلب من بلاد الهند، والمحطوم أي: المكسر، فهنا كنى عن الكرم بإذكاء النيران في الأماكن العالية؛ لإرشاد الضيوف، والعلاقة بين المعنيين التلازم الذي يرجع إلى ما عرف عن العرب، فمن عاداتهم إيقاد النيران في الأماكن المرتفعة يرشِدون بها القادم إليهم.

وفي قول المتنبي يمدح سيف الدولة ويشيد بشجاعته:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015