يتراكمون على الأسنة في الوغى ... كالفجر فاض على نجوم الغيهب
يريد أنهم بواسل يندفعون بشدة وصبر إلى مواطن الموت كما ينبسط الفجر دفعة، فينشر ضوءه على الكون، وقد استعار الفيض لانبساط الفجر؛ إذ شبه انبساط الفجر وسرعة انتشار ضوئه بفيضان الماء، ثم استعاره له، واشتق منه فاض بمعنى انبسط وانتشر بسرعة.
ومن الاستعارة التبعية أيضًا في مادة الفعل قول أبي الطيب يمدح أبا فراس الحمداني:
نثرتهم فوق الأحيدب نثرة ... كما نثرت فوق العروس الدراهم
أراد أن ممدوحه هزم أعداءه شر هزيمة، فشتت شملهم وفرقهم، فانتشروا في غير نظام كما تنثر الدراهم فوق العروس، فقد شبه تفرق أجسامهم وتساقطها بتفرق الأجسام الصغيرة ونثرها، بجامع التفرق والتساقط على غير نظام في كلٍّ، ثم استعير النثر من المشبه به للمشبه، واشتق منه نثر بمعنى: فرق على سبيل الاستعارة التبعية في الفعل.
من ذلك أيضًا قول شاعر آخر:
لم تَلقَ قوماً هُمُ شَرِّ لاخوتهم ... ................
ويريد إخوتهم هنا أعداءهم على سبيل التهكم.
لم تَلقَ قوماً هُمُ شَرِّ لاخوتهم ... منا عَشيةً يجري بالدَّمِ الوادي
نَقربهُمُ لهذمياتٍ نَقُدُّ بها ... ما كان خاطَ عليهم كُلَّ زَرَادِ
والزراد: هو صانع الزرد، وهو الدرع، فهو هنا يصف قومه بالشجاعة، وأنهم أشد خطرًا على الأعداء عند احتدام المعركة، واشتداد القتال، ويريد بذلك أنهم يطعمونهم سيوفًا تشق دروعهم، وتفري ضلوعهم، وقد استعار؛ لذلك القرى للضرب بالسيف بجامع الترحيب والإكرام في كلٍّ، واشتق منه نقري بمعنى: نضرب على سبيل الاستعارة