التبعية التهكمية، ثم استعار الخياطة للزرد أي: الدرع من الحديد بجامع ضم الأطراف في كلٍّ، واشتق منها الفعل خاطى بمعنى سرد على سبيل الاستعارة التبعية في الفعل.
ومن ذلك وهي كسابقتها تبعية تهكمية قول الله -عز وجل: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (الانشقاق: 24) فمعلوم أن البشارة إنما تكون بأمر طيب، أو بأمر فيه سرور، لكنه هنا نزَّل الإنذار منزلة التبشير؛ لقصد التهكم والسخرية، فشبه الإنذار بالتبشير بجامع إدخال السرور في كلٍّ، ثم استعير التبشير للإنذار، واشتق منه الفعل بشَّر بمعنى أنذر على سبيل الاستعارة التبعية التهكمية.
ومن التبعية في الفعل قوله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا} (الأعراف: 168) فقد شبَّه التفريق بالتقطيع بجامع إزالة الاتصال في كلٍّ، ثم استعير التقطيع للتفريق، واشتق منه الفعل قطع بمعنى فرَّق.
ومنه قوله تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} (الأنبياء: 18) فالمراد بل نورد الحق على الباطل فيُذهبه ويمحوه، فإذا هو ذاهب؛ فقد استعير القذف للإيراد والدمغ للمحو والإزالة، والزهاق للذهاب، ثم اشتق منها نقذف، ويدمغ، وزاهق على سبيل الاستعارة التبعية.
ومن ذلك أيضًا قوله تعالى: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} (هود: 87) فالمراد السفيه الغوي، كما هو سياق الآية؛ حيث شبه السفه والغي بالحلم، والرشد، ثم استعير الحلم والرشد للسفه والغي، واشتق منهما حليم ورشيد بمعنى سفيه وغوي على سبيل الاستعارة التبعية التهكمية.
فإلى أن ألتقي وإياكم على خير أستودعكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.