البعض، وذلك إذا كان المشبه به نكرة نحو: زيد أسد، وهند بدر، فيحسن أن نقول: كأن زيدًا أسد، وكأن هندًا بدر، وخلته أسدًا، وعلمتها بدرًا يجد أن هذا إلى التشبيه أقرب.

أيُّ هذه الآراء أرجح؟ الجواب: هو رأي الجمهور، لأن التشبيه البليغ تشبيه، وليس باستعارة؛ حيث صرَّح فيه بطرفي التشبيه، وما يراه عبد القاهر من ترجيح إطلاق اسم الاستعارة على بعض صوره، وتحتيم إطلاقها على بعض يُمكن دفعه بأن الكلام فيها مبني على الخيال، وعلى تصور وجود أشياء خيالية، وأجناس جديدة تُضاف إلى الأشياء الموجودة، والأنماط المألوفة، فالمتنبي يتخيل دم الأسود خضابه، وموتًا فرائص الموت منه ترعد، ثم يشبه بهما ممدوحه إلى أخر ذلك.

إذن نخلص مما سبق: أن المجاز اللغوي موجود في اللغة وفي القرآن، والذي ينبغي إنكاره هو أن نجريه في نصوص الوحي كتابًا وسنة على ما ثبت في حق الله من صفات، وما ذلك إلا لكون هذه الصفات على ظاهرها، وعلى حقيقتها، وأنها تكون بالنسبة له على النحو اللائق به جل وعلا، كما وضح من خلال ما سبق أن المجاز اللغوي هو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له في اصطلاح التخاطب، وأنه باعتبار نوع التجوز يختص بألفاظ اللغة، ومفرداتها، أو ما قام مقامها في طرفي التشبيه؛ خلافًا للمجاز العقلي الذي يختص بالتجوز في الأسانيد أي: بإسناد الأفعال، أو ما في معانيها إلى غير ما هي لها.

وسنذكر فيما بعد أن الفرق بين المجاز الكناية يتمثَّل في نوع القرينة، فإن كانت مانعة، فمجاز، وإلا فكناية.

أما ما لا يحسن تقدير أداة من أدوات التشبيه فيها إلا بتغيير في بنائها بأن يكون المشبه به نكرة موصوفة بأوصاف لا تلائمه نحو: فلان بدر يسكن الأرض، وهو شمس لا تغيب؛ فهو إلى الاستعارة أقرب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015