أطول، فعيوبها أكثر، وأيام الانتفاع بها أقلّ، وباعتها فجر، والخصومة معهم أفحش وخسرانها يوفي على أضعاف ربحها، وشرّها غامر لخيرها.
ومما تخالف أخلاق سائر المركوبات: أنك إذا سرت على الإبل والخيل والحمير والبقر، في الأسفار الطّوال، في سواد ليلك، إلى انتصاف نهارك، ثم صارت إلى المنزل عند الإعياء والكلال، طلب جميع المركوبات المراعي والأواري «1» ، وأخرجت البغال بعقب ذلك التعب الطويل، أيورا كجعاب القسيّ، تضرب بها بطونها وصدورها، حتّى كأنها تتعالج به من ألم السّفر. وكلّ دابة سواها إذا بلغت لم يكن لها همّة إلّا المراغة والرّبوض، والأكل والشّرب.
وهي مع ذلك من أغلم الدوابّ، وأبعدها من العتق، ولم نجد عظم الأيور في جميع الحيوان في أشراف الحيوان إلّا في الفرط، وذلك عامّ في الزنوج والحبشان، وتجده في الحمير والبغال.
قالوا: وأير الفيل كبير، ولم يخرج من مقدار بدنه.
ولعمري إنّ الرجال ليتمنّون عظم الأيور كما تتمنّى النساء ضيق الأحراح.
قال محمد بن مناذر، وأبو سعيد راوية بشّار، قالا:
ضحك بشّار الأعمى يوما ونحن عنده، بعد أن أطال السكوت، فقلنا: ما الذي أضحكك يا أبا معاذ؟ قال: أضحكني أنّه ليس على ظهرها رجل إلّا وبودّه أن أيره أكبر ممّا هو عليه، ولا على ظهرها امرأة إلّا وبودّها أن حرها أضيق ممّا هو عليه. فلو أعطى الله الرجال سولهم