ولكن أجمع بينهما، وإن قل نصيبك منهما، فإنك إن وهبت للعمل كلك أقعدك وأكلك، وإن منحت للعلم كلك حيرك وأضلك، وآفة العمل تعلقه بالرياء، وآفة العلم تعلقه بالكبرياء، والخير بين طرفيهما مرتفع.
قال واصل بن عطاء في هذا المعنى الذي قد طال القول فيه: ما آذى شيء كما آذى رجلان: عالم فاسق ترك الناس علمه لفسقه، وعابد جاهل أخذ الناس بجهله لعبادته، والقليل من هذا مع القليل من هذا أنجى في العاقبة، إذا تفضل الله تعالى بالرحمة، وتمم على عبده النعمة.
وإياك والمدافعة والوكال وحب الهوينا والأسترسال، وإيثار الخفض والدعة، والميل إلى الراحة والسعة، فإن خواتم هذه الخصال مذمومة، وعقباها كريهة وخيمة، وتجنب الهوى طاقتك، ولا تعره من طرفك لامحا، ولا من قلبك سامحاً، وأقبض عنه يدك، وأحبس دونه أذنك، فإنه سحار خدوع، وقرن جدوع، وقرين خلوب، وله تمويه وتشبيه، يستمدهما من حاشية العقل، وقد قال بعض الأولين: كيف يفلح الإنسان وعقله أسير الهوى في