الشهوة، ولهذا يعسر الحكم في كل مطلوب، ويشتبه القضاء على كل مراد، وكأنه - أعني الهوى - مركب من فرط الشهوة وفاضل العقل، يخدع بالشهوة ويعذر بالعقل، ويجر الدواعي كلها، ويستعبد الحواس بأسرها، ولا سلامة إلا بسابق توفيق، وحادث رأي وثيق.
ودع الضجر والكسل وحب العاجلة، فإنها من أخلاق البهائم، وهي داء دوي، واجنح نحو الأجتهاد، فإنه كاسب النجح وجالب الظفر، وتحرك فإن التحرك طريق إلى المنالة، مشرف على حميد العاقبة، ولذلك قيل: الحركة ولود والسكون عاقر؛ فإن قلت: وما أصنع بالحركة والأجتهاد، والسعي والأرتياد، في طلب العلم، وأنتجاع الرزق، والتماس المأمول، والأمر كله مرقوم بالقدر، ومردود إلى القضاء، فأعلم أن كلامك مشوب، ورأيك فائل، وحسبانك باطل، وظنك محلف؛ أما تعلم أن الأجتهاد والحركة مدمجان في أثناء القدر، والقصد والسعي مدرجان في طي القضاء، وأن الذي عليك بحكم عقلك، وصحيح نظرك، أن تعمل بظاهر ما ألقي إليك، لأنك جاهل بحقيقة ما غيب عنك، فكيف تجنح إلى خفي عنك، وتستوحش من جلي عندك، إنك إذن لمن الجاهلين.